كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة

الثاني: أن ترك البلاغ كتمان لوحي الله تعالى، والله -عز وجل- لا ينزّل وحيه ليُكتم ويُدفن في صدر واحدٍ من الناس، ثم يموت هذا العلم بموته.
الثالث: قول الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((عُرِضَتْ عليّ الأمم فرأيت النبيَّ ومعه الرهط، والنبيَّ معه الرجل والرجلان، والنبيَّ وليس معه أحد)) فدل هذا على أن الأنبياء مأمورون بالبلاغ، وأنهم يتفاوتون في مدى الاستجابة لهم.
ولهذا أقول بعد ما أشرت إليه من استدراكات على التعريف الشائع عند العلماء في الفرق بين النبي والرسول أقول: التعريف المختار هو: أن الرسول هو ما أوحي إليه بشرعٍ جديدٍ، والنبي هو المبعوث لتقرير شرع من قبله، وفي الحقيقة هذا التعريف ليست عليه هذه الاستدراكات السابقة، وهو راجحٌ -إن شاء الله تعالى- واختاره بعض أهل العلم، وهو ما أراه وأذهب إليه.
ب- أنتقل بعد ذلك إلى النقطة التالية في هذا العنصر، وهي بعنوان: وجوب الإيمان بالرسل -عليهم السلام-:
الإيمان بالرسل ضروريٌّ لا يتوقف على نظرٍ، ولا استدلال بالنسبة إلى المؤمنين بالله تعالى؛ لأن الله تعالى هو الذي نبأهم وأرسلهم وأخبر عنهم، وأمر بالإيمان بهم وتصديقهم، والإيمان بالله تعالى مستلزمٌ بالإيمان بكل ما أمر الله الإيمان به، كالإيمان بالملائكة -كما سبق ذكره- وبالكتب، وبالرسل، والبعث، والجزاء، والقدر، والقضاء، وبكل غيبٍ أمر الله تعالى بالإيمان به، فيكفي المؤمن دليلًا أن يبلغه خبر الله تعالى وأمره بالإيمان بالرسل؛ فيؤمنُ ويُسَلّمُ مباشرةً.
وفي الأمر بالإيمان بالرسل قول الحق -تبارك وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ} (النساء: من الآية: 136).
وقال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (البقرة: 285) فلهاتين الآيتين

الصفحة 106