كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة
وقوعهما، قال تعالى من سورة "الحج": {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} (الحج: 5).
ومن الأدلة أيضًا: الاستدلال بالقدرة على خلق العوالم على إمكان إعادة حياة الناس بعد موتهم وفناء أجسامهم، فالذي خلق العالم بكل ما فيه، وأخرجه من حيز العدم إلى الوجود، بل خلق ما هو أعظم وأكبر من الإنسان، أيعجز بعد ذلك أن يوجد هذا الإنسان الضعيف؟! وتأملوا مثلًا في خلق السماوات والأرض، وفي ذلك يقول -جل ذكره-: {لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} (غافر: 57).
ولذلك رد الله -عز وجل- على من استبعد البعث، والنشور، وقام في ذهنه وعقله أن البعث بعيد، ومستحيل، استدل الله -عز وجل- بأدلة متعددة على البعث والنشور: منها خلقه لهذه العوالم أول مرة، ومنها أيضًا إنشاؤه لهذه الكائنات، وإخراجها من حيز العدم إلى الوجود، ثم خلق ما هو أكبر من خلق الإنسان، وفي آخر سورة "يس" رد رب العزة والجلال على المنكر المستبعد للبعث والنشور بأدلة -كما أشرت- ومنها: قوله سبحانه: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ} (يس: 81).
وأيضًا من الأدلة: الاستدلال باختلاف سلوك الإنسان في هذه الحياة بالخير والشر، والصلاح والفساد على وجود حياة أخرى يجزى فيها كل عاملٍ بما عمل من خيرٍ
الصفحة 120
522