كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة

ويحشر الكافرين على وجوههم أعاذني الله، وإيّاكم من ذلك لقول الله تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وَجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خلْقًا جَدِيدًا} (الإسراء: 97، 98).
وفي الحديث المتفق عليه أنه: ((قيل للرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-: كيف يُحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: أليس الذي أمشاه على رجليه في الدنيا قادرًا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة)) بلى -سبحانه وتعالى- قادر.
وممّا يكون في اليوم الآخر: فصل القضاء والشفاعة فيه، والمراد بفصل القضاء هو: أن الناس لما يحشرون إلى ربهم، ويبلغ العناء منهم مبلغًا عظيمًا، وذلك من شدة الهول وصعوبة الموقف يرغبون في أن يحكم الله تعالى فيهم أو بينهم بما هو أهله، وبما هم متهيئون له بحسب طهارة أرواحهم أو خبثها؛ حتى يستريحوا من شدة الموقف وأتعابه، ومصداق هذا جاء في قول الله تعالى: {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} (المرسلات: 11: 15) ويقول سبحانه: {هَذَا يَوْمُ لا يَنطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} (المرسلات: 35: 40).
ولما يطول موقفهم ويعظم قربهم يقول بعضهم: ((ألا ترون ما أنتم فيه؟ ألا ترون ما قد بلغكم؟ فيأتون آدم -عليه السلام- ليشفع لهم عند الله تعالى فيعتذر لهم، ويقول: إن ربي قد غضب اليوم

الصفحة 123