كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة

ارفع رأسك وسل تُعط، واشفع تُشفع؛ فيرفع -صلى الله عليه وآله وسلم- رأسه، ويقول: يا رب أمتي، فيقال له: يا محمد ادخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب)) فهذا الحديث دل على الشفاعة العظمى أيضًا للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وأن فصل القضاء والشافعة فيه ستكون في يوم القيامة.
ومن المواقف التي ستحدث في هذا اليوم أيضًا: الحساب والميزان، الحساب يدور على محتويات الكتب التي يُعطاها كل فردٍ من أفراد الناس في ساحة فصل القضاء، ويقرؤها كل واحدٍ من أهل الموقف سواء من كان يقرأ منهم ومن لم يكن يقرأ، ويختلف إعطاؤهم تلك الكتب وتلقيهم لها؛ إذ منهم من يُعطى كتابه بيمينه ومن أمامه، ومنهم من يعطي كتابه بشماله ومن وراء ظهره، وبمجرد إلقاء نظرة على محتوى الكتاب يعلم صاحبه بمصيره، ويُعلن على الفور عن فوزه وفرحه وسروره، أو عن خيبته وحزنه وخسرانه، قال تعالى في بيان هذا وتقريره من سورة "الانشقاق": {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا وَيَصْلَى سَعِيرًا} (الانشقاق: 7 - 12).
وبينما هم كذلك إذ تُوضع الموازين القسط، ويتقدم الناس واحدًا واحدًا للحساب، فمنهم من يحاسب يسيرًا، وهو العرض الذي قال فيه الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-: لعائشة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها-: ((من حُوسِبَ يوم القيامة عُذب؛ فقالت له أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها-: أليس الله -عز وجل- يقول: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} فقال لها: ليس ذاك الحساب، إنما ذلك العرض، من نُوقِشَ الحساب يوم القيامة عذب)) ومنهم من يحاسب

الصفحة 125