كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة
على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من بعضهم مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا)) ثم بعد ذلك يدخل أهل الجنة الجنة -نسأل الله جميعًا ذلك- وأهل النار -ولا شك كما جاءت النصوص بذلك- يسقطون فيها، وهم يمرون على الصراط، أعاذني الله وإياكم من ذلك.
الركن السادس من أركان الإيمان؛ الإيمان بالقدر
أنتقل بعد ذلك إلى العنصر الثاني من عناصر هذا اللقاء، وهو في الركن السادس والأخير من أركان الإيمان، وهو: الإيمان بالقدر، ويشتمل هذا العنصر على النقاط التالية:
أ- التعريف بالقضاء والقدر، القدر ما سبق به العلم، وجرى به القلم ممّا هو كائنٌ إلى الأبد، وأنه -عز وجل- قدر مقادير الخلائق وما يكون من الأشياء قبل أن تكون في الأزل، وعلم سبحانه أنها ستقع في أوقاتٍ معلومة عنده تعالى وعلى صفات مخصوصة، فهي تقع على حسب ما قدرها سبحانه.
وقال الإمام الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في تعريفه: المراد -يعني بالقدر- أن الله تعالى علم مقادير الأشياء وأزمانها قبل إيجادها، ثم أوجد ما سبق في علمه أنه يوجد، فكل محدثٍ صادرٍ عن علمه وقدرته وإرادته -سبحانه وتعالى- ولا شك أن هذا التعريف كاف في الحديث عن القضاء والقدر، وقد عرّفتُ الآن القدر، وأود أن أعرف القضاء.
فأقول: القضاء هو الفصل والحكم، وقد تقرر في أحاديث الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- ذِكر القضاء، وأصله القطع والفصل، يقال: قضى يقضى قضاءً، فهو قاضٍ إذا حكم وفصل، وقضاء الشيء إحكامه وإمضاؤه والفراغ منه، فيكون بمعنى الخلق، وللعلماء في التفرقة بين القضاء والقدر قولان:
الأول: القضاء هو العلم السابق الذي حكم الله به في الأزل، والقدر وقوع الخلق على وزن الأمر المقضي السابق.
يقول ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تبارك وتعالى-: قال
الصفحة 127
522