كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة
وإذا كان لكل مجتمع نظام على نحوٍ ما، فإن هذا النظام لا بد له من أساس وأصول يرتضيها المجتمع، ويقوم عليها نظامه الذي يسير بموجبه، والنظام يكون صالحًا أو فاسدًا تبعًا لصلاح أو فساد أساسه وأصوله التي يقوم عليها؛ لأن الفرعَ يتبع الأصل في الصلاح والفساد، وإذا كان نظام المجتمع قد يكون صالحًا أو فاسدًا فإن صلاحه وفساده ينعكس على أفراده، ويتأثرون به، ويتحمَّلون تَبعاتَه فيسعدون به، أو يشقَون.
وعلى هذا فيجب على مَن يريد الخير لنفسه ولمجتمعه أن يبحث ويتحرى عن الأساس الصالح الذي يقوم عليه نظام المجتمع؛ ويسعى لتثبيت هذا الأساس، وإقامة نظام المجتمع عليه.
والواقع أن الإسلام كفانَا مئونةَ البحث والتحري عن هذا الأساس الذي يقوم عليه النظام الصالح والمجتمع؛ كما كفانا مئونة البحث عن طبيعة هذا النظام الصالح وخصائصه، مما يجعل الأمر سهلًا ميسورًا لبناء مجتمع صالح الذي يسعد به الناس جميعًا.
ب- وبناءً على ما قلتُ، أنتقل إلى النقطة التالية في هذا العنصر، وهي بعنوان: أساس نظام المجتمع في الإسلام؛ لأنه إذا كان المجتمع الصالح لا يسعد إلا إذا كان النظام صالحًا، وقد ذكرتُ أن الإسلام كفانا مئونة ذلك.
فلنتعرف الآن في هذه النقطة على: أساس نظام المجتمع في الإسلام:
إن أساس نظام المجتمع في الإسلام هو العقيدة الإسلامية؛ لأن المطلوب من كل إنسان أن يحمل هذه العقيدة، ليعرف مركزَه في الحياة، وعلاقته بالكون والغرض الذي من أجله خُلق، وهذه العقيدة هي الموجهة لأفكار الإنسان وسلوكه، وسائرِ تصرفاته، ولا يمكنه التخلي عنها في شأن من الشُئون.
وحيث إن الإنسان اجتماعيٌّ بالطبع -كما قلنا- فمنِ البَدهي أن تكون العقيدة الإسلامية هي الموجهة له في بناء هذا المجتمع، أو بكلمة أخرى يجب أن تكون العقيدة الإسلامية
الصفحة 25
522