كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة
وتعليل هلاك الأمم بسبب الظلم أن الظلم كالنار يحس بوطأتها المظلومون، فإذا شاع الظلم وغارت معاني العدل كثر المظلومون الذين لا يرَون في هذا المجتمع حمايةً لهم ولا حفظًا لحقوقهم، وإنما يرون فيه هضمَ حقوقِهم، وهذا يجرهم إلى عدم الاهتمام به، وببقائه وهذا في الحقيقة يؤدي إلى دمار المجتمع وهلاكه، فالعدل والالتزام به يحمي المجتمع وهو دَعامة من الدعامات القوية التي يقوم عليها بناؤه.
أيضًا من المعالم البارزة للنظام الاجتماعي في الإسلام: العناية بالأسرة:
الأسرة هي أساس كيان المجتمع؛ لأن من مجموعها يتكون المجتمع، فهي بالنسبة له كالخلية لبدن الإنسان، ويترتب على ذلك أن الأسرة إذا صلحت صلح المجتمع، وإذا فسدت فسد المجتمع؛ ولهذا اعتنى النظام الاجتماعي الإسلامي بالأسرة عناية كبيرة، تظهر في الأحكام الكثيرة بشأنها، وأكثر هذه الأحكام وردت بها آيات في القرآن الكريم، يتعبد المسلمون بتلاوتها في صلاتهم وفي خارج صلاتهم؛ فضلًا عن الأحاديث النبوية الكريمة الواردة في موضوع الأسرة.
وليس من شأني هنا أن أفصل القول في أحكام الأسرة، فهذا أمر يطول، ولا تتسع له دراستنا، ولا هو مطلوبنا هنا، وإنما يكفينا أن نشير إلى معالم التنظيم الإسلامي في موضوع الأسرة، وأنا أتكلم عن النظام الاجتماعي في الإسلام وهو من صميم النظام الإسلامي، وما أود أن أشير إليه هنا الزواج وإجراءاته، وحقوق الزوجة، وحقوق الزوج، وحقوق الأبوين والأولاد، كل هذه أنظمة جاء بها الإسلام، هي من أبرز معالم النظام الاجتماعي فيه.
أيضًا تحديد مركز المرأة في المجتمع مَيزة رابعة، وخاصية من خصائص النظام الاجتماعي الإسلامي:
فالمرأة في المجتمع حدد الإسلام لها وضعًا بتحديدٍ دقيقٍ ومفصلٍ وصريحٍ، حتى لا تدخل الأهواء في هذه المسألة الخطيرة جدًّا، وحتى تتحقق للمجتمع طهارته ونظافته، وعفته، واستقامته، وتنشأ فيه الأجيال القوية الأمينة، فيبقى المجتمع على صلاحه واستقامته، ويسعد أفراده، وقد تناول
الصفحة 32
522