كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة
كما لا يجوز أخذها، ولا يجوز إعطاء الربا كما لا يجوز أخذه، جاء في الحديث: ((لعن الله آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه)) وفي حديث آخر: ((الراشي والمرتشي والرائش بينهما)).
هذه هي أبرز المعالم الواضحة لخصائص النظام الاجتماعي في الإسلام.
ب- أنتقل بعد ذلك إلى نقطة أخرى في هذا اللقاء، وهي بعنوان: ضرورة قيام المجتمع الصالح:
وأنا أتحدث عن النظام الاجتماعي في الإسلام أدعو هنا إلى ضرورة قيام المجتمع الصالح؛ لأن المطلوب من المسلم تحقيق الغرض الذي خُلق من أجله، وهو عبادة الله وحدَه، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات: من الآية: 56) والعبادة: اسم جامع لِمَا يحبه الله تعالى من الأقوال، والأفعال، والأحوال الظاهرة والباطنة، وهذا المعنى الواسع للعبادة يقتضي أن يجعلَ المسلم أقوالَه وأفعالَه وتصرفاته وعلاقاته مع الناس على وِفق ما جاءت به الشريعة.
والمسلمُ لا يستطيع أن يصوغ حياتَه هذا الصياغة الإسلامية، إلا إذا كان المجتمع الذي يعيش فيه منظمًا على نحو يَسهُل عليه هذه الصياغة، أي: أن يكون مجتمعًا إسلاميًّا صحيحًا، فإن لم يكن كذلك بأن كان مجتمعًا جاهليًّا صِرفًا، أو مجتمعًا مشوبًا بمعاني الجاهلية، فإن المسلم لا يستطيع فيه أن يحيا الحياة الإسلامية المطلوبة، أو يتعذر عليه ذلك.
ولهذا يأمر الإسلام بالتحول من المجتمع الجاهلي إلى المجتمع الإسلامي، ما دام عاجزًا عن إزالة جاهليته، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (النساء: 97).
الصفحة 35
522