كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة
ولأن الصراطَ المستقيمَ صراطٌ واحد يؤدي إلى الله -تبارك وتعالى- وهو اتباع الكتاب والسنة؛ أما السبل الأخرى فهي سُبل منحرفة، سبلُ أهل التفرق والخلاف والشقاق -والعياذ بالله تعالى- والله -عز وجل- قد جمع هذه السبلَ؛ لأنها كثيرة، بخلاف الصراط الواحد، ولهذا نهانَا عن سلوك صراطها، أو اتباع منهجها ومسلكها، فقال: {وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونََ}.
ويقول أيضًا -سبحانه وتعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (الأنعام: 159) وهذه -أيضًا- آية مخيفة إذا قرأها الإنسان وتأمل معناها ووقف على حقيقة هذا المعنى، أدرك أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بريء من الذين فرقوا دينَهم، واختلفوا فيه، فخرجوا عن كتابه الله وهدي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ولِمَا لا يتبرأ النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- من هؤلاء ورب العزة والجلال -سبحانه وتعالى- يقول في كتابه: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (النساء: 115).
وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة، ويد الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذ في النار)) فالنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- هنا يبين حقيقةَ أن: ((يد الله مع الجماعة)) وأن الخارج عن الجماعة شاذٌّ: ((ومن شذ شذ في النار)).
فعلينا إذن معشر أهل الإيمان أن نقيم نظامَ اجتماعِنا على كتاب الله وهدي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وأن ندرك أن النظام الاجتماعي في الإسلام نظامٌ فريدٌ قائمٌ على الحق، قائم على العدل، قائم على الخير؛ لأنه من عند الله -تبارك وتعالى- وعلى المسلمين أن يكونوا أمةً واحدةً على هذا الدين، ضمن هذا النظام الذي جاء به الإسلام من ضمن الأنظمة السديدة التي جاءت من عند الله رب العباد - سبحانه وتعالى.
وإذا سلك المسلمون هذا الطريقَ فازوا برضوان الله -تبارك وتعالى- وسعدوا في دُنياهم وفي حياتهم، وأصبح مجتمعُهم مجتمعًا نظيفًا قائمًا على العفة، والكرامة، والطُّهر.
أسال الله -سبحانه وتعالى- أن يوفق المسلمين في مجتمعاتهم لكل خير، وأن يقيموا هذه المجتمعاتِ على البر والتقوى والمعروف.
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، وسلم.
الصفحة 40
522