كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة

في آخر سورة في المصحف: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ} (الناس: من الآية: 1 - 3).
فهذه ثلاثة أوصاف لربنا -تبارك وتعالى- ذكرها مجموعة في موضع واحد في أول القرآن، ثم ذكرها مجموعة في موضع واحد آخَرَ في آخر ما يطرق سمعك من القرآن، فينبغي لمن نصح نفسه أن يعتني بهذا الموضع، وأن يبذل جهده في البحث عنه، وأن يعلم أن العليم الخبير لم يجمع بينهما في أول القرآن، ثم في آخره، إلا لِمَا يعلم من شدة حاجة العباد إلى معرفة الله بها، وأنه إلههم الذي لا إله إلا هو، وربهم الذي لا رب سواه، وأنه ملكهم المتصرف فيهم، وهم عبيده، المدبر لهم كما يشاء، الذي له القدرة والسلطان، يخفض ويرفع، ويصل ويقطع، ويعطي ويمنع، لا شريك له، ولا لهم ملك من دونه يهربون إليه إذا دهمهم أمر، ولكن إليه المصير، فهو ملك الناس -سبحانه وتعالى.
وفي سورة الفاتحة معرفة الله على التمام، ونفي النقائص عنه -تبارك وتعالى- وفيها معرفة الإنسان ربه، ومعرفة نفسه، فإنه إذا كان هناك رب فلا بد من مربوب، وإذا كان هنا راحم فلا بد من مرحوم، وإذا كان هنا مالك فلا بد من مملوك، وإذا كان عبد فلا بد من معبود، وإذا كان هنا هاد فلا بد من مهدي، وإذا كان هنا منعم فلا بد من منعم عليه، وإذا كان هنا مغضوب عليه فلا بد من غاضب، وإذا كان هنا ضال فلا بد من مضل، فهذه السورة تضمنت الألوهية والربوبية، ونفي النقائص عن رب البرية -سبحانه وتعالى.
أنتقل بعد ذلك إلى كلام أيضًا في تتمة بيان عقيدة الشيخ:
ذكرتُ عقيدة الشيخ في توحيد الربوبية والأسماء والصفات، أود أيضًا في إشارة عاجلة سريعة أن أتحدث عن توحيد الألوهية والعبادة عند الشيخ -رحمه الله-:

الصفحة 511