كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة

ولا يكتفي الإسلام بغرس التقوى والخلق القويم في النفس الإنسانية، ولكنه أيضًا يضع الضوابط الشرعية التي تحكم التصرفات العملية، ويأمر الدولة الإسلامية أن تقوم على مراعاة هذه الضوابط والأحكام؛ فهناك مصادر للمال لا يرضاها الإسلام، ولا يجيز لأبنائه التعامل من خلالها؛ كالسرقة والغش والزنا وبيع المحرمات -كالخمر والخنزير- وأكل مال اليتيم، والغلول من الغنيمة، ونحو ذلك.
الشياطين، وانظر إلى المجتمع الرَّأْسِمَالِيِّ البعيد عن هذه الضوابط؛ كيف يقيم الصروح الضخمة التي تُدَمِّرُ القيم والأخلاق، وتؤدي إلى الظلم والاستبداد؟! فالبنوك الربوية التي تَمْحَقُ الكسب تقوم في كل مدينة وقرية، وتستخدم جيوشًا من العمال والموظفين؛ كي تُحَقِّقَ الْكَسْبَ الْحَرَامَ لِفَرِيقٍ مِنَ الْبَشَرِ، والعمارات الشاهقة ترتفع في كثيرٍ من المدن؛ لتتاجر بالأعراض وتتاجر بالأموال، والأموال هناك تُبْذَلُ بِسَخَاءٍ؛ لِإِقَامَةِ الْعُرُوضِ الْفَاجِرَةِ هُنَا وَهُنَاكَ بِاسْمِ الْفَنِّ، فَمُسَابَقَاتُ مَلِكَاتِ الْجَمَالِ والأمثال والأفلام والتمثيليات والمسارح، أغلبها تقوم على الإفساد والظلم.
وانظر إلى إسرافهم في الإنفاق، وكيف يحرقون المحاصيل؛ حتى لا ترخص الأسعار، وانظر كيف يمتصون دماء الشعوب، ويتوزعون بينهم مناطق النفوذ؟! وَكُلُّ هَذِهِ الْأَفْعَالِ إِنَّمَا صَدَرَتْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ؛ لأنهم لا يعرفون الأخلاق، ولا يتمتعون بها، أما الإسلام جاء بتعاليم كريمةٍ شريفة عظيمة وخصائص فريدة أقام من خلالها صروح العدل والكرامة، ولذلك أقول بأن مِنَ الْخَصَائِصِ الْعَظِيمَةِ في الاقتصاد الإسلامي: أنه اقْتِصَادٌ يَقُومُ عَلَى أَخْلَاقِ الْإِسْلَامِ وَقِيَمِ الْإِسْلَامِ، وَهَذَا مَا لَا يَتَوفَّرُ فِي أَيِّ نظامٍ من الأنظمة الأخرى.
ونحن إذا نظرنا إلى ذلك علمنا فضل الإسلام ومكانة الإسلام، وأهمية الحرص على أن نأخذ جميع أنظمتنا من الإسلام الذي جاء من عند الله -تبارك وتعالى- وهذه مبادئ وخصائص -أيها المستمع الكريم- مهمة، يجب أن ننتبه إليها، وأن نفهمها، وأن نعرفها، وأن نتعلمها.

الصفحة 52