كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة

ننتقل بعد ذلك إلى نقطة أخرى في هذا العنصر، وهي بعنوان "المبادئ العامة في النظام الاقتصادي الإسلامي":
النظام الاقتصادي الإسلامي فيه جملة كبيرة من المبادئ العامة، وهي تقوم أيضًا على أساس الْعَقِيدَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَالْفِطْرَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَالْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، وَعَنْ هَذِهِ الْمَبَادِئِ تَتَفَرَّعُ جُزْئِيَّاتٌ كَثِيرَةٌ وتنظيمات مختلفة، وَسَأَذْكُرُ هُنَا -إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى- من هذه المبادئ العامة بعضها، وهي: "حرية العمل" و"حق الملكية" و"حق الإرث".
وَسَأَذْكُرُ كلامًا يَسِيرًا حَوْلَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ المبادئ؛ الأمر الأول -أو المبدأ الأول-: هو حرية العمل: الإسلام يحث على العمل، ويكره العجز والكسل، وأشرف الأعمال وأعظمها قدرًا عند الله ما يقرب إليه من العبادات الخالصة -كالصلاة والأعمال المباحة- إذا اقترنت بها النية الصاحية -كالزراعة والصناعة ونحو ذلك.
وَفِي بَابِ الْكَسْبِ وَالنَّشَاطِ الاقْتِصَادِيِّ يحث الإسلام على العمل، ويبارك العامل، ويثني على جهد وكسبه الحلال، وقد أشار الله إلى ذلك في قوله: {فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} (الجمعة: من الآية: 10) وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} (الملك: 15) وفي الحديث الشريف: ((مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَط خَيْرٌ من أن يأكل من عَمِلِ يَدِهِ)) وَالْحَثُّ عَلَى الْعَمَلِ وَبَذْلِ النَّشَاطِ الاجتماعي والاقتصادي جاء عامًّا مطلقًا، وعلى هذا فإنه يشمل جميع أنواع النشاط الاقتصادي، ومختلف أنواع المعاملات والمكاسب، وذلك مثل: التجارة والزراعة والصناعة والشركة والمضاربة والإجارة، وسائر ما يباشره الإنسان من أوجه العمل والنشاط الاقتصادي؛ لغرض الكسب الحلال.
وَلَا تَنْقُصُ قيمة الإنسان في نظر الإسلام بمباشرة أي عملٍ حلال -وإن عده الناس عملًا بسيطًا أو حقيرًا- لأن قيمة الإنسان في نظر الإسلام في دينه وتقواه، لا في ماله

الصفحة 53