كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة

أنتقل بعد ذلك إلى النقطة التالية في هذا العنصر: وهي: ب- بعنوان "أهمية العقيدة":
لا شك أن العقيدة لها أهمية عظيمة في حياة الإنسان؛ بل في حياة البشرية جمعاء، ويدلنا على ذلك أمور كثيرة، يمكننا أن نوجزها في النقاط التالية:
العقائد: هي الركائز والأسس التي تقوم عليها المبادئ والشرائع، فالبشر أسرى المعتقدات والأفكار؛ فالذين يعتقدون أن الله هو ربهم ومعبودهم، وأن مصيرهم إليه، وأن الدنيا معبر وطريق، يقيمون حياتهم وفق شريعة الله؛ بحيث تهيمن هذه الشريعة على تصرفاتهم وأعمالهم، والذين كفروا بالله، وقالوا بأزلية المادة، أقاموا حياتهم وِفْقَ مُعْتَقَدَاتِهِم، وعملوا لهذه الحياة، وقد قال الله عنهم: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ}.
والذين أَلَّهُوا الأبقار، فَضَّلُوهَا عَلَى آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، وَقَدَّمُوا لَهَا الْقَرَابِينَ وَالنذور، وَحَرَّمُوا ذبحها، وأهلكوا أنفسهم في سبيل تقديسها، وقل مثل ذلك في الذين عَبَدُوا النيران والأشجار والأحجار والشمس والقمر، والعقائد في الحقيقة تظهر أهميتها في أنها تستولي على أنفس أصحابها، وتدفعهم لبذل أموالهم وأنفسهم في سبيل تحقيق ما يعتقدونه، وهم راضون مطمئنون، وهذا يفسر لنا السر في انْتِصَارِ أَصْحَابِ الْعَقَائِدِ، وَعَدَمِ تَنَازُلِهِمْ عَنْ مَبْدَئِهِمْ، على الرغم من الآلام والمصائب التي تعترض طريقهم، وَضَلَالُ الْإِنْسَانِ في معتقده يجر عليه البلاء، ويضل عمله وسعيه، واعتبر في هذا بالذين قدسوا الأصنام؛ كيف أهانوا أنفسهم؟ وكيف ضيعوا أموالهم؟ وكيف سُفِكَتْ دِمَاؤُهُمْ عندما حاربهم المسلمون؟ وعندما يقومون لمحاربة دين الله -تبارك وتعالى- فيخسرون بذلك أنفسهم وأهليهم، وفي النهاية يخلدون في النار وبئس المصير.
وأعظم خلافٍ حصل على مدار التاريخ: هو الاختلاف حول قضايا الاعتقاد، ولذلك كانت أعظم مهمات الرسل تصحيح عقائد البشر الزائفة؛ لأن الناس قد عبدوا على مدار التاريخ الأصنام والأوثان والقبور، والله -عز وجل- أرسل الأنبياء والمرسلين؛ كَيْ يَرُدُّوا النَّاسَ إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمْ الْحَقّ؛ فَنُوح -عليه السلام- نَهَى قومه

الصفحة 61