كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة
عن عبادة الأصنام والأوثان فلم يستجيبوا: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} (نوح: 23)، وإبراهيم عليه السلام قال لقومه -مناقشًا إياهم فيما يعبدون-: {قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} (الشعراء: 72 - 74) وقال القرآن للعرب -منكرًا عليهم-: {أَفَرَأَيْتُمْ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى أَلَكُمْ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} (النجم: 19 - 22)، ونسب الضَّالُّونَ الولد إلى الله: {وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} (التوبة: من الآية: 30) والنصاري زعموا في عيسى ما زعموه: {وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} (التوبة: من الآية: 30).
ولقد ذكر الله -عز وجل- معتقدهم الآثم في أكثر من آية من كتابه، والعرب زعموا أن الملائكة إناث: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} (الزخرف: من الآية: 19) وذلك ولا شك إفك كبير: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمْ الْبَنُونَ أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ أَاصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَفَلا تَذَكَّرُونَ أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ} (الصافات: 149 - 156).
واختلف البشر في صفات ربهم، وَنَسَبُوا إِلَيْهِ الْقَبَائِحَ، فَالْيَهُودُ -عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ تَتْرَى إِلَى يَوْمِ الدِّينِ- قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أيام، وتَعِبَ في اليوم السابع واستراح، فأكذبهم الحق في مقالتهم أنه تعب وقال: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} (ق: 38) ومن افتراءاتهم على الله قولهم: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا} (المائدة: من الآية: 64) وهذه الخلافات العقائدية تسبب اختلافًا بين الأمم، بل بين أبناء الأمة الواحدة؛ فيتعادون، ويتباغضون، ثم يتقاتلون، ويتناحرون، وما خبر الحروب الدينية التي
الصفحة 62
522