كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة
قامت بين النصارى عنا ببعيد، وقد أهلكت الحرث والنسل، وصدق الله إذ يقول: {وَمِنْ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} (المائدة: من الآية: 14).
أما العقيدة الصافية المستقيمة: فإنها تجلب المودة والمحبة بين البشر؛ قال سبحانه: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} (آل عمران: من الآية: 103) والعقيدة التي جاء بها الرسل ضرورية للبشر ضرورة الماء والهواء؛ لَأَنَّهَا تُحَرِّرُ الْعَقْلَ مِنَ الْخُرَافَةِ، وَتُفَسِّرُ لِلْإِنْسَانِ لُغْزَ الْحَيَاةِ، وَتَدُلُّه على مصدر وجوده، ومصدر وجود الكون، كَمَا تُعَرِّفُهُ العلاقة التي بينه وبين الله، وبينه وبين الكون وتحدثه عن العوالم الأخرى التي هي من عالم الغيب، وَتُبَصِّرُهُ بِمَصِيرِهِ بَعْدَ الْحَيَاةِ، وَالْإِنْسَانُ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْإِجَابَةِ الشَّافِيَةَ عن هذه القضايا؛ فإنه سيبقى متعبًا قلقًا حائرًا.
والذي ينظر في حال الفلاسفة والمفكرين الذين لم يهتدوا بهدي الله سيشعر بمدى التعب النفسي والإرهاق الفكري الذي عانى منه هؤلاء الرجال جميعًا، وبالتالي فالعقيدة الإسلامية مهمة في حياة الإنسان؛ بها يصلح الإنسان، وتصلح حياته، وتصلح، وتستقيم نظرته في هذه الحياة الدنيا، فيعبد ربًّا واحدًا، ويتوجه إلى إلهٍ واحد، ويعرف أنه خُلِقَ لغاية كريمة، وأن مراده ونهايته إلى رب العزة والجلال -سبحانه- فلا يعيش إلا لله، ولا يصرف همه إلا في مرضاة الله -تبارك وتعالى.
النقطة الثالثة تحت هذا العنصر بعنوان "المناهج في إثبات العقائد": هناك منهجان لمعرفة قضايا الاعتقاد، وانْتَبِهُوا غَايَةَ الانْتِبَاهِ لهذا، الأول: منهج الرسل، وَهَذَا الْمَنْهَجُ يَقِفُ الْعَقْلُ الْإِنْسَانِيُّ فِيهِ عِنْدَ حَدِّ التَّصْدِيقِ بِاللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَىَ- ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَلَقَّى عَنِ اللَّهِ عَقِيدَتَهُ فِي اللَّهِ وملائكته ورسله واليوم الآخر والقدر.
الصفحة 63
522