كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة

أما هذا فإن سالكيه لَا يَصِلُونَ إِلَيْهِ إلا بعد أن يقتحموا لُجَّةَ البحر الخضم؛ فِمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ الشَّكَ أولًا، ومنهم من أوجب النظر، أو القصد إلى النظر، ومنهم الذين نَادَوْا بتعلم الرياضيات، والطبيعيات، ومنهم من قال: نبدأ بالمنطق ثم الطبيعيات والرياضيات، وهي علوم لا يتقنها إلا الخاصة؛ فكيف يتيسر لعوام الناس تعلمها؟
إن الوحي عندنا أساس، والعلم السماوي هو نور العقل، والعلم السماوي يعرفنا بربنا وأنفسنا والكون من حولنا، ولسنا بحاجة إلى مقاييس الفلاسفة وموازين المتكلمين.
قيل لابن عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما-: كَيْفَ عَرَفْتَ ربك؟ قال: "عرفت ربي بربي، ولولا ربي ما عرفت ربي" وصدق والله؛ اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا.
وإذا كان العقل يستضيء بنور الوحي؛ فإن الوحي السماوي قد حَوَى الْأَدِلَّةَ الْعَقْلِيَّةَ الْبَاهِرَةَ، وَأَلْزَمَ الْعَقْلَ بِالنَّظَرِ فِي مَلَكُوت السَّمَوَاتِ والأرض، والتفكير في ذلك في قدرة العقل ومؤنته، وهذا التفكر يؤكد الإيمان ويقويه، كما قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (آل عمران: 190 - 191).
أنتقل بعد ذلك إلى النقطة الرابعة وهي:
د- تحت هذا العنصر، وهي بعنوان: "ملاحظات مهمة في المسائل الاعتقادية":
طالما أنني أتحدث هنا عن العقيدة، وَأُبَيِّنُ أَنَّ الْإِسْلَامَ عَقِيدَةٌ وَشَرِيعَةٌ، لا بد أن أتحدث عن العقيدة هنا بشيءٍ من التفصيل؛ فبعد أن بَيَّنْتُ أن المنهج الصحيح الصواب في المسلك الذي يجب أن يَسْلُكَهُ الإنسان هو أن يلتزم بنصوص الكتاب والسنة، وهو مذهب الأنبياء والمرسلين، أود في هذه النقطة أيضًا أن أعطي بعض الملاحظات المهمة التي تتعلق بالمسائل الاعتقادية، وهذه الملاحظات هي كما يلي:

الصفحة 65