كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة
وإبليس جازم بصدق الرسل والكتب، وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ يَعْمَلُوا، ويرضوا، ويسلموا ما قُبِلَ منهم بحال؛ إذًا التصديق فقط لا يكفي وَحْدَهُ، بل لا بد من الاعتقاد الجازم من الرضا بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ -صلى الله عليه وآله وسلم- نبيًّا ورسولًا، ولا بد من الإعلان عن ذلك باللسان، وتصديق ذلك بالعمل -أي: أن يذعن الإنسان وينقاد لله -تبارك وتعالى- فما آمن أبدًا من اعتقد ورفض الخضوع والطاعة لله، كما هو حال الشياطين والمستكبرين.
الْمُلَاحَظَةُ السَّادِسَةُ: كُلُّ مَنْ أَنْكَرَ شيئًا من أصول الاعتقاد أو فروعه المعلومة من الدين بالضرورة؛ فإنه كافر لا شك في كفره؛ انتبه لهذا: من أنكر شيئًا من أصول الاعتقاد أو من فروعه المعلومة من الدين بالضرورة، فهو كافر لا شك في كفره.
أما الذي يترك عملًا من الأعمال الشرعية الواجبة، أو يفعل شيئًا مما حرمه الله فإنه يكون عَاصِيًا، وَالَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِالذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي هُمُ الْخَوَارِجَ، أَمَّا مَنْهَجُ السَّلَفِ الصَّالِحِ فَإِنَّ تَرْكَ الْوَاجِبَاتِ وَفِعْلَ الْمُحَرَّمَاتِ يُعَدُّ ذنبًا ومعصية تشوه الإيمان وتنقصه، ولكنها لا تزيله وتذهبه.
ولكن الذي يكفر به الإنسان هو إنكار شيء من أصول الاعتقاد الصحيح التي جاءت في كتاب الله، أو على لسان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم.
معنى الشريعة والأسس التي بنيت عليها
أنتقل بعد ذلك إلى العنصر الثاني في هذا اللقاء، وهو بعنوان: معنى الشريعة والأسس التي بُنِيَتْ عليها، ويشتمل على النقاط التالية:
أ- معنى الشريعة: الشريعة: علم على جميع ما أنزله الله من أحكام، إلا أن بعض العلماء المتأخرين جعلوا الشريعة علمًا على الأحكام العملية دون غيرها.
والاصطلاح الذي وضعه العلماء للأحكام العملية: هو الفقه أو علم الفروع، وَسَنُلِمُّ إِلْمَامَةً سَرِيعَةً بِهَذَا الْعِلْمِ، وَلِذَلِكَ أَقُولُ: إن مدار الفقه في لغة العرب على الفهم والعلم، قال موسى -عليه السلام- في دعائه لربه: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي} (طه: 27 - 28)، وقال قوم شعيبٍ -في خطابهم لنبيهم-: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ} (هود: من الآية: 91).
الصفحة 68
522