كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة

القوانين الوضعية اليوم تقر الربا، وَتبيح الزنا واللواط، وتجيز شرب الخمر، وتمنع من قتل القاتل واقتصاص الإنسان ممن اعتدى عليه، ولا تزال هذه القوانين تخص بعض فئات المجتمع بحقوق دون بقية أفراد المجتمع، وفي كثيرٍ من الأحيان يغلو واضع القانون في تقرير العقوبة فيقرر العقوبة العظيمة للذنب الحقير، وقد يحكم بالعقوبة على غير من ارتكب الجرم.
أما الشريعة الإسلامية فليست من وضع البشر، بل هي من عند خالق البشر الذي يتصف بالعدل التام وبالحكمة البالغة، يقول سبحانه: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدا} (الكهف: من الآية: 49) ويقول -جل ذكره-: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} (النساء: من الآية: 40)، ويقول -سبحانه-: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (الأنعام: 115) قال قتادة: صدقًا فيما قال، وعدلًا فيما حكم.
وقال ابن كثيرٍ -رحمه الله-: كل ما أخبر الله به فحق لا مِرْيَةَ فيه، ولا شك، وكل ما أمر به فهو العدل الذي لا عدل سواه، وكل ما نهى عنه فهو باطل؛ فإنه لا ينهى إلا عن مفسدة، كما قال تعالى: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ} (الأعراف: من الآية: 157).
وإذا كان مُنَزِّلُ الشريعة مُتَّصِفًا بالعدل المطلق؛ فَإِنَّ شَرِيعَتِهِ لَا بُدَّ أن تكون كذلك متصفةً بالعدل المطلق، فالأحكام الشرعية هي العدل، والعدل: هو الشريعة الإسلامية؛ فلا تميل القواعد الإسلامية الشرعية إلى جانب الحاكم ضد مصالح المحكوم، ولا تعطي الرجال حقوقًا بحيث تظلم النساء، ولا يمكن أن تخطئ المقدار المناسب للجريمة؛ لأن واضعها يتصف بالعلم المطلق الشامل -سبحانه وتعالى.
الأساس الثالث -من الأسس التي بنيت عليها الشريعة الإسلامية-: حفظ مصالح العباد:
يقرر علماء الشريعة -بعد استقرائهم لأحكام الشريعة

الصفحة 73