كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة

أوفى من تشريع خالق السموات والأرض، قال تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} (يوسف: من الآية: 40) وقال سبحانه: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (القصص: من الآية: 88) وقال سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (الشورى: من الآية: 21).
و ((لما دخل عدي بن حاتم على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو يقرأ الآية: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} (التوبة: من الآية: 31) قال: ما عبدناهم، فقال -صلى الله عليه وآله وسلم-: ألم يحلوا لكم الحرام، فتحلوه، ويحرموا عليكم الحرام فتحرموه؟! قال: بلى. قال: فبذلك عبدتموهم)).
وقد أمر الله المؤمنين باتباع الشرع الْمُنَزَّلِ، ونهى عن إتباع الشرائع البشر المخالفة لشرع الله؛ قال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} (الأعراف: 3).
النقطة التالية في هذا العنصر، وهي:
ب- بعنوان "الإيمان يوجب التحاكم إلى شرع الرحمن"، وهذا يبين -أيها الأخوة الكرام يبين- ارتباط العقيدة بالشريعة، وَهُوَ مَا يُعَبَّرُ عَنْه بالدين، فالدين عقيدة وشريعة، وكلاهما من عند الله -عز وجل.
والإيمان الحق يوجب العمل بشريعة الله تعالى، كما قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا} (النساء: 60) وقال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (النساء: 65)؛ فمن شروط الإيمان أن يحتكم العبد إلى شريعة الرحمن سبحانه.
وبالتالي أقول: الإسلام عقيدة وشريعة، وكان هذا هو موضوع هذا اليوم -أو موضوع هذا اللقاء- في هذه المحاضرة، وقد بدا لي أن أقول: إننا بحاجة إلى عقيدة سليمة صحيحة، كما أشرت إليها في هذا اللقاء، ثم بعد ذلك إلى أن نأخذ بالشريعة الإسلامية، فنطبقها ونعمل بما جاء فيها، وبالتالي نكون قد طبقنا الإسلام والإيمان تطبيقًا عمليًّا، ظهر آثاره على الجوارح، وفي مجتمع الناس.
أسأل الله -سبحانه وتعالى- للجميع التوفيق والسداد، وآخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين. وصلاة وسلامًا على خاتم الأنبياء وسيد المرسلين.

الصفحة 77