كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة
والأدلة على أن الإيمان اعتقاد بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان كثيرة جدًّا، ومنها قول الله -تبارك وتعالى-: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (النحل: 106) ويقول سبحانه: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} (آل عمران: من الآية: 84) فهذه الآية بينت أن الإيمان يكون بالقول، والآية السابقة بينت أيضًا أن الإيمان يكون بالقلب.
ومن الأدلة على أن الأعمال أيضًا من الإيمان، إلى جانب اعتقاد القلب، وقول اللسان، تسمية الله -تبارك وتعالى- الصلاة إيمانًا، وذلك في قوله: جلا ذكره: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} (البقرة: 143) أي: وما كان الله ليضيع صلاتكم؛ لأن الآية نزلت في الذين توفوا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم- وهم على الصلاة إلى بيت المقدس.
وقد أورد أبو عبيد القاسم بن سلام قول الله -تبارك وتعالى-: {الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} (العنكبوت: 1 - 2) وقوله سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} (العنكبوت: من الآية: 10) أوردهما -رحمه الله- كدليل على أن العمل من الإيمان، وقال بعد ذلك أفلست تراه -تبارك وتعالى- قد امتحنهم بتصديق القول بالفعل، ولم يكتفِ منهم بالإقرار، دون العمل حتى جعل أحدهما من الآخر، فأي شيء يتبع بعد كتاب الله -تبارك وتعالى- وسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ومنهاج السلف بعده الذين هم موضع القدوة والإمامة.
والحاصل أن أدلة السلف على أن الأعمال ركن في الإيمان، من القرآن الكريم كثيرة جدًّا، ومن أدلة السلف أيضًا على دخول الأعمال في الإيمان، ما جاء في
الصفحة 82
522