كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة

ولم تزل بعض الأمم تشرك بالله في ربوبيته، مع وضوح الآيات الدالة على ربوبية الله وعظمته، فالمجوس قالوا: بربوبية النور والظلام، والصابئة قالوا: بربوبية الكواكب، وتأثيرها في العوالم، ومثل هؤلاء أولئك الذين اعتقدوا بأن الأموات يتصرفون في قبورهم في الكون، والحياة، وكل ذلك من الشرك.
النقطة الثانية في هذا العنصر، وهي "ب" بعنوان: الإيمان بألوهية الله تعالى، أي: بإفراده بالعبادة؛ لأن الله -عز وجل- وحده هو المعبود، ولا يستحق العبادة غيره، وقد جاءت الرسل؛ لدعوة الناس إلى إفراد الله بالعبادة، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء: 25) ذلك أن الشرك في العبادة، هو جريمة البشر الكبرى، التي لم تسلم منها أمة من الأمم، وقد كانت بعض الأمم يسلمون لله بالربوبية، كالأمة العربية في الجاهلية، ولكنهم كانوا يجادلون أشد الجدال في استحقاق الله للعبادة دون سواه، ويتعجبون من دعوة الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- لهم إلى عبادة الله دون غيره، وكانوا يقولون -كما ذكر القرآن الكريم عنهم-: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (ص: 5).
والعبادات التي لا يجوز صرفها لغير الله كثيرة، فدائرة العبادة واسعة رحبة، والعبادة كما عرفها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تبارك وتعالى- اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال، الظاهرة والباطنة.
والعبادات أنواع: فمنها عبادة القلب، ومنها عبادة اللسان، ومنها عبادة الجوارح، ومنها العبادات المالية.
فعبادة القلب: تكون بقصد الله وحده، وقصد النية له، والخوف منه -تبارك وتعالى- وخشيته، وحبه ورجائه، والتوكل عليه، والإنابة إليه، والرضا بحكمه.
وعبادة اللسان: تكون بذكر الله، وتسبيحه وحمده والثناء عليه، وتمجيده، وقراءة القرآن.

الصفحة 85