كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة

أما هؤلاء: فإنهم قالوا: المتبادر منها التشبيه؛ ولذلك نؤولها، ونحرفها حتى ننزه الله -تبارك وتعالى- ولو أصنفوا لقالوا: المتبادر منها الكمال، وعدم التشبيه، ثم هم يعتمدون في مقابل النصوص، على المقاييس العقلية فيقولون: نحن ننفي اليد، والوجه؛ لأننا لا نعرف اليد، إلا هذه الجارحة، ولا نعرف إلا هذه الوجوه، والله منزه عن الجارحة، وما يشبهه صفات الخلق، وتحكيم العقل، بتصوراته الخاطئة بنصوص الشرع؛ لا يجوز، ومقاييسهم العقلية هذه ضالة؛ فالله منزه عن مشابهة الخلق، وصفاته كمال يخصّه، ولا يجوز إجراء مقاييس عقلية على رب العزة والجلالة.
الأصل الثالث -من أصول مذهب السلف في أسماء الله وصفاته، وهو أيضًا مهم-: عدم التطلع إلى معرفة كيفية صفات الله:
ومعرفة الكيف غيب لا يعلمه إلا الله، قال تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ} (البقرة: من الآية: 255)، وبما أن الله لا يشبه أحدًا من خلقه، وصفاته لا يشبهها شيء من صفات الخلق؛ فلا يمكن أن تعرف كيفية ذاته، ولا يمكن أن تعرف كيفية صفاته.
والذين انحرفوا في باب الصفات أصل ضلالهم: أنهم بحثوا في الكيفية، فمرة مثلوا صفات الخالق بصفات الخلق، ومرة نفوها وأولوها.
والواجب هو التفويض في كيفية الصفات، وكما أننا لا نعلم كيف ذات الله -تبارك وتعالى- كذلك لا نعلم كيفية صفاته، ولا ما هي عليه، فنحن نؤمن بها، وإن لم نعرف كيف، أو كيفية صفاته -تبارك تعالى.
وهنا أمر يجب بيانه، وهو أن معنى الصفة معروفة في لغة العرب، ويجب أن نعرف معاني صفات الله -تبارك وتعالى- من الرحمة، والغضب، والسمع والعلم، والبصر.

الصفحة 88