كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة
أما دلالة الآثار على وجود الملائكة: فهي أيضًا كثيرة جدًّا نكتفي بطرف منها فنقول:
هذا القرآن الكريم كتاب الله -تبارك وتعالى- بين أيدينا، سوره العديدة، وآياته الكثيرة، وعلومه ومعارفه، وإعجازه، لا شك أن كل ذلك أثر من آثار الملائكة، إذا تلقاه المُنَزَّلُ عليه -صلى الله عليه وآله وسلم- بواسطة ولم يكن من الله مباشرة، فما هي الواسطة؟ إنها جبريل -عليه السلام- كما أخبر بذلك مرسله، ومنزله، في قوله: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} (الشعراء: 192 - 195) وهذا ملك الموت الذي يتخطفنا يوميًّا؛ فيأخذ أرواحنا، وينهي بأخذها حياتنا، ويفصلها عن أجسامنا؛ فتعدم الحياة، فهل يشترط للتصديق به رؤيتنا له، وآثار فعله ظاهرة فينا، لا تنكر، اللهم لا، ولو سألنا خالقنا، وقلنا من يتوفانا؟ لكان الجواب: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} (السجدة: 11).
وملك الموت حقًّا هو الذي يقبض أرواح العباد، ولكنه بأمر الله -تبارك وتعالى- ولذلك أيضًا صح نسبة الوفاة إلى رب العزة والجلال -سبحانه وتعالى.
إذن الأدلة على وجود الملائكة -كما ذكرت- كثيرة جدًّا؛ أخبار وآثار والأخبار: هي أخبار رب العالمين، وأخبار الأنبياء والمرسلين، وقد استدللت بخبر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أما عن الآثار الدالة على وجود الملائكة، فهي كثيرة وقد أشرت إلى بعضها الآن.
أنتقل بعد ذلك إلى النقطة التالية في هذا العنصر، وهي "ج" بعنوان: المادة التي خلقت منها الملائكة.
الملائكة: خلق عظيم، خلقهم الله من النور، وطبعهم على الخير، فهم لا يعرفون الشر، ولا يأمرون به، ولا يأتونه، ولا يفعلونه؛ فلذا هم لربهم مطيعون، لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، يسبحون الليل والنهار لا يفترون، ولا يسأمون من عبادة الله، ولا هم عنها يستكبرون، أخبر الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- عن مادة خلقهم، فقال: ((خلقت الملائكة من نور، وخلقت الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لك)).
الصفحة 91
522