كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة

والملائكة أيضًا: تلعن من لعنه الله -تبارك وتعالى- وأنا ذكرت الدعاء هنا؛ لأشفع به اللعن، فهم كما يدعون به رب العزة والجلال فهم أيضًا يلعنون ويبغضون من لعنه الله -تبارك وتعالى- ومصداق ذلك في قول الله -جل ذكره-: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنظَرُونَ} (البقرة: 161 - 162).
وأخيرًا أقول عن صفات الملائكة: إن خلقهم عظيم، وأنهم يتفاوتون تفاوتًا كبيرًا في هذا الخلق، وقد صح الخبر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أن لجبريل -عليه السلام- ستمائة جناح)) في حين أن من الملائكة من له جناحان فقط، ودل هذا على التفاوت وعظم التفاوت في خلق الملائكة، فجبريل -عليه السلام- له ستمائة جناح، وبعض الملائكة أخبر الله -عز وجل- عنه في كتابه أن له جناحان فقط، وجاء هذا في أول سورة فاطر، في قول الله -جل ذكره-: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (فاطر: 1).
هذا شيء مما أخبرنا به رب -العزة والجلال- سبحانه وتعالى- عن الملائكة.
وبالتالي أقول: يجب علينا أن نؤمن بوجودهم، وأن نصدق الله -عز وجل- فيما أخبر به -سبحانه وتعالى- عنه سواء كان ذلك في المادة التي خلقوا منها، أو الأعمال التي أوكلها الله -عز وجل- إليهم، وكلفهم بها، أو صفات التي وصفهم رب العزة والجلال -سبحانه وتعالى- بها، كأن وصفهم رب العزة والجلال بالحب، والبغض، واللعن، وكثرة العبادة، وعدم السآمة، والملل، وما إلى ذلك.
كل هذا حق، ويجب علينا أن نؤمن كما أخبر به الله -تبارك وتعالى- وكما جاء به الخبر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم.
وبهذا ينتهي هذا اللقاء، ألا وهو الحديث عن بعض أركان الإيمان، وقد تناولت فيه حقيقة الإيمان بالله -تبارك وتعالى- والإيمان بملائكة الله -جل ذكره- وصلى اللهم وسلم، وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله.

2 - أركان الإيمان (2)

الركن الثالث من أركان الإيمان؛ الإيمان بالكتب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين، وبعد:
هذه هي المحاضرة السادسة، وعنوانها تابع أركان الإيمان، وتشتمل هذه المحاضرة على عدة عناصر: العنصر الأول: الركن الثالث من أركان الإيمان؛ الإيمان بالكتب، ويشتمل على النقاط التالية:
أ- حقيقة الإيمان بالكتب وما عُرف منها: إن معنى الإيمان بالكتب الإلهية الذي هو جزءٌ من عقيدة المؤمن التصديق الجازم بما أوحى الله تعالى من كلامه الخاص إلى من اصطفى من رسله -عليهم السلام- فجُمع ودُون فكان صحفًا مطهرةً، وكتبًا قيمة، فما عُرف منها آمن به المؤمن تفصيلًا، وما لم يعرف منه ولم يعرفه المؤمن آمن به إجمالًا.

الصفحة 97