كتاب أصول الدعوة وطرقها 4 - جامعة المدينة
فقد نصت هذه الآية القرآنية على أن وصف الرسول محمدٍ -صلى الله عليه وآله وسلم- ووصف أصحابه في كل من التوراة والإنجيل بنفس المعنى الذي حوته هذه الآية القرآنية الكريمة كما جاء في قوله تعالى: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى} (النجم: 36: 41) فقد نصت هذه الآيات من القرآن الكريم على أن في صحف كلٍّ من إبراهيم وموسى الإخبار بأن النفس المذنبة يوم القيامة لا يحملها عنها ذنبها غيرها، وأن الإنسان ليس له من نتائج العمل إلا ما عمل وسعى به لنفسه، كما أن سعي الإنسان سوف يعرفه، ويقف عليه، ويُجزاه كاملًا غير منقوصٍ.
فهذه الكتب إذن التي ذُكِرَتْ في القرآن بأسمائها وأسماء أصحابها الذين نزلت عليهم يجب على المؤمن أن يؤمن بها تفصيلًا كما ذكرت مفصلًا، وأن يؤمن بباقي كتب الله تعالى التي لم تُذكر في القرآن مفصلة؛ حيث لم يرد القرآن ذكر أسمائها، ولا أسماء من نزلت عليهم، وإنما ذُكرت مجملة كما في قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} (الحديد: من الآية: 25).
وكما جاء في قوله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} (البقرة: من الآية: 213).
وتتلخص عقيدة المؤمن في الإيمان بالكتب: بأنه يجب عليه أن يؤمن بكل كتاب أنزله الله تعالى على من اصطفى من رسله لحمل رسالاته وإبلاغها إلى عباده، فما عُرِفَ منها مفصلًا آمن به مفصلًا، وما عَرَفَهُ المؤمن منها مجملًا آمن به مجملًا، ولا يؤمن ببعضٍ ويكفر ببعضٍ تعصبًا وضلالة، كما هو حال اليهود والنصارى الذين آمنوا
الصفحة 99
522