كتاب قوت المغتذي على جامع الترمذي (اسم الجزء: 1-2)

وقال ابن دقيق العيد: " قد استدل جماعة من المتقدمين بانتفاء القبول على انتفاء الصحة، كما فعلوا في قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لا يقبل الله صلاة حائض إلاَّ بخمار " (¬1) ، أي من بلغت سن المحيض.
والمقصود بهذا الحديث الاستدلال على اشتراط الطهارة في صحة الصلاة، ولا يتم ذلك إلاَّ بأن يكون انتفاء القبول دليلاً على انتفاء الصحة، وقد ورد في مواضع انتفاءُ القَبولِ مع ثبوت الصحة كالعبد إذا أبق لا تقبل له صلاة (¬2) ، وكما ورد فيمن أتى عرَّافًا (¬3) ، وفي شارب الخمر (¬4) .
فإن (¬5) أُريد تقرير الدليل على انتفاء الصحة من انتفاء القبول فلا بد من تفسير معنى القبول، وقد فُسِّر بأنه تَرتُّبُ الغرض المطلوب من الشيء على الشيء، يقال: قَبِل فلانٌ عذر فلانٍ، إذا رَتَّب على عذره الغرضَ المطلوب منه، وهو محو الجناية والذنب. فإذا ثبت ذلك فيقال، مثلاً في هذا المكان: الغرض من الصلاة وقوعها مُجْزِيَةً بمطابقتها للأمر، فإذا ْحصل هذا الغرض ثبت القبول على ما ذكر من (¬6) التفسير وثبتت
¬_________
(¬1) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب المرأة تصلي بغير خمار (1/229) رقم الحديث (641) والترمذي: أبواب الصلاة، باب ما جاء "لا تقبل صلاة الحائض إلاَّ بخمار" (4021) رقم (377) ، وابن ماجه، كتاب الطهارة وسننها، باب إذا حاضت الجارية لا تصلي إلا بخمار (1/214) رقم: (655) ، وأحمد (6/150، 218، 259) ، والحديث اختلفوا فيه على قتادة، فقد روي عن الحسن مرسلاً، وروي عن ابن سيرين مرسلاً ومرفوعًا، وبهذا أعله الدارقطني.
وقد تكلم عنه الشيخ الألباني بكلام جيد وصححه، انظر: إرواء الغليل رقم (196) .
(¬2) والحديث أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب: تسمية العبد الآبق كافرًا ص (88) رقم (124) .
(¬3) والحديث أخرجه مسلم، كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان ص (982) رقم (2230) .
(¬4) ورد في ذلك أحاديث منها حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- الذي أخرجه الترمذي وحسنه، في الأشربة، باب ما جاء في شارب الخمر برقم (1861) ، وأحمد (2/35) وآخرون "من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحًا". وعبد الرزاق في المصنف (9/235) ، والطيالسي ص (258) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(¬5) في (ك) : "فإذا".
(¬6) في (ك) : "هذا".

الصفحة 28