كتاب قوت المغتذي على جامع الترمذي (اسم الجزء: 1-2)

تلك الحالة، فإن قيل: إنما تركها بأمر ربه، فكيف يسأل المغفرة عن فعل كان بأمر الله تعالى؟ (¬1) فالجواب: أن الترك وإن كان بأمر الله، إلاَّ أنه من قبل نفسه وهو الاحتياج إلى خلاء (¬2) .
والثاني: وهو أشهر وأخص أنه سأل المغفرة في العجز عن شكر النعمة في تيسير الغذاء، وإبقاء منفعته وإخراج فضلته على سهولة، فحق أن يعتقد هذا المقدار نعمة فإنه مدى الشكر، فيؤدى قضاء حقها بالمغفرة " (¬3) . انتهى.
قال ابن سيد الناس: " ويحتمل وجهًا ثالثًا: أن يكون هذا خرج منه مخرج التشريع والتعليم لأمته في حالتي الدخول والخروج، فَحَقُّ (¬4) من خرج سالمًا مُعَاذًا (¬5) ممَّا استعاذ منه من الخبث والخبائث، أن يؤدي شكر نعمة الله عليه في إعاذته وإجابة سؤاله، وأن يستغفر الله تعالى، خوفًا أن لا يؤدي شكر تلك النعمة. وهو قريب من تحميد العاطس على سلامته مما قد كان يَخْشَى (¬6) منه حالة العطاس " (¬7) .
" هذا حديث غريب حسن ". قال النووي في شرح المهذب: " هو حديث حسن صحيح " (¬8) . وجاء في الذي يقال عقب الخروج من الخلاء أحاديث كثيرة، ليس فيها شيءٌ ثابتٌ إلاَّ حديثُ عائشة المذكور. قال (¬9) :
¬_________
(¬1) "تعالى" ساقطة من (ك) .
(¬2) في (ك) : " الخلا ".
(¬3) عارضة الأحوذي (1/22) .
(¬4) في (ك) : "فحتى".
(¬5) في النفح الشذي "معافًا".
(¬6) في (ك) : " يحظى ".
(¬7) النفح الشذي (1/446) .
(¬8) في (ك) : " صحيح "، عبارة النووي في شرح المهذب: "وأمَّا حديث عائشة فصحيح"، المجموع (2/94) .
(¬9) في (ك) و (ش) : " وقال ".

الصفحة 42