كتاب قوت المغتذي على جامع الترمذي (اسم الجزء: المقدمة)

7- كان الطالب في هذه المدارس يقوم بدراسة كل فن على حدة، ويقوم بدراسة متن أو كتاب كامل على شيخ، ثم ينتقل إلى الشيخ الآخر، فتجد الطالب قد تقلب في تعليمه على عدد من الشيوخ، وفي جميع التخصصات.
مما سبق جعل للتأليف مجالاً واسعًا، وكثرت المؤلفات الموسعة والمختصرة، بل انتشر في ذلك العصر كثرة الموسوعات في شتى أنواع المعرفة وكان لهذه الموسوعات، أثر في حفظ كثير من العلوم من الضياع بعد أن ألقى التتار بكثير من المكتبات في بغداد في النَّهر مما جعل النهر يتغير لونه (¬1) .
حياته:
لقد حفلت حياة السيوطي بالحفظ، والعلم والتعليم والإفتاء، والتأليف والمناظرة، حتى قال عن نفسه: " إنِّي رجل حبب إليَّ العلم والنظر فيه -دقيقه وجليله- والغوص على حقائقه، والتطلع إلى دقائقه، والفحص عن أصوله، وجبلت على ذلك فليس فيَّ مَنْبَتُ شَعْرَةٍ إلاَّ وهي ممحونة بذلك، ولقد أوذيت على ذلك أذى كثيرًا، من الجاهلين والقاصرين، وذلك سنة الله في العلماء السالفين (¬2) ".
وهذا الكلام الموجز يبين ما كان عليه ذلك العالم، ونحن نرى ما جرى معه من علماء عصره من أخذ ورد، واستدراك، ومؤلفات مما يدل على ما كان عليه هذا العالم من التفرغ للعلم بكل وقته، وإغراقه فيه تدل عليه كتبه في التفسير، والحديث، وغيرها من فنون مختلفة، التي تشهد على أنه أفنى العمر كله في الاشتغال بالتأليف والجمع والكتابة.
¬_________
(¬1) الإمام الحافظ السيوطي وجهوده في الحديث، د. بديع اللحام ص (49-58) ، عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي (2/357) .
(¬2) السيوطي: تقريب الفئة بأجوبة الأمثلة المائة، ضمن الحاوي للفتاوى (2/300) .

الصفحة 17