كتاب قوت المغتذي على جامع الترمذي (اسم الجزء: المقدمة)

"بضم أوله وسكون ثانيه، وذكر أبو عبيد البكري وغيره: أنه بفتح أوله وكسر ثانيه".
وكحديث جابر كذلك برقم (195) عن النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " وإذا أَقمت فاحدُر "
قال الشارح: " بإهمال الحاء والدال، وتضم وتكسر، ويُروى: فاحْذِم، الذال المعجمة والميم، وكلاهما بمعنى الإسراع ".
إلى ما هنالك من أمثلة -يطول حصرها- تبين اهتمام الإمام السيوطي بضبط اللَّفظ: رسمه وحركته، وهذا مطلب أول فهمناه من منهج الشارح رحمه الله.
أما المطلب الثاني: فهو منهجه إزاء مدلولات الألفاظ والتراكيب؛ وهذه هي لجة البحر التي يطيل فيها الإمام السيوطي الغوص؛ كيف لا وحولها يطوف الفقهاء والعلماء، مستفرغين جهدهم في استنباط الأحكام والمعاني، ببيان مجمل، أو تخصيص عام، أو تقييد مطلق، أو ترجيح متعارض، وهلم جرًا لقواعد الاستنباط المذكورة في مظانها؛ لأنَّ اللَّفظ لا يعدو أن تكون له حقيقة شرعية فتقدم، أو عرفية، أو لغوية، أو لها جميعًا ولا تعارض بينها، أو استغلق المعنى فاحتجنا إلى مبين من خارج النص، وهو ما يسمى بقرائن الأحوال؛ وعلى هذا الأمر انصب جهد الحافظ السيوطي في شرحه الممتع. ولنأت بأمثلة اكتفى فيها الشارح بتفسير اللَّفظ لغة فحسب.
كحديث أنس بن مالك برقم (5) قال: "كان النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا دخل الخلاء"، قال شارحه: "بفتح الخاء ممدود: المكان الذي ليس به أحد".
ومن الحديث السابق أيضًا: " فوجدنا مراحيض " قال شارحه: "جمع مرحاض من رَحض إذا اغتسل، قال في النِّهاية: أراد المواضع التي بنيت للغائط، أي مواضع الاغتسال".

الصفحة 57