كتاب قوت المغتذي على جامع الترمذي (اسم الجزء: المقدمة)

ثم بين اختلاف الروايات في وصله وإرساله، والعلة القادحة فيه، فقال: " قال الدارقطني في العلل: اختلف فيه، فقال وُهَيْبُ وبشرُ بن المفضل، وغير واحد هكذا ... " وحاصل كلام الدارقطني: أنَّ طرق الحديث تدور بين الوصل والإرسال، وأنَّ أصحها طريق الوصل -أي طريق وهيب وبشر بن المفضل ومن تابعهما- وهذه علة أولى نبه عليها الحافظ السيوطي فيما نقله عن الدارقطني، ثم أردف هذا بأن أورد الحديث من مسند الهيثم بن كليب من طريق وهيب بن عبد الرَّحمن بن حرملة أنه سمع أبا غالب يقول: سمعتُ رباح بن عبد الرَّحمن: قال ابن حجر: " قال الضياء: المعروف أبو ثفال بدل أبي غالب، وهو كما قال "، ثم نقل عن ابن حجر عن الجرح والتعديل، فقال: " وقال أبو حاتم وأبو زرعة: أبو ثفال ورباح مجهولان، ثم قال: أما أبو ثفال فروى عنه جماعة.
وقال البخاري: في حديثه نظر، وهذه عادته فيمن يضعفه، زاد ابن حجر: ذكره ابن حبان في الثقات، إلاَّ أنه قال: لستُ بالمعتمد على ما تفرد به، فكأنه لم يُوثقه، ثم قال ابن حجر: وأما رباح فمجهول " ومن مجموع أقوال العلماء فيمن يدور عليهم الحديث يتبيَّن ضعفه، وهذه علة ثالثة.
ومع ذلك فإنَّ الحافظ السيوطي يرجح ثبوته -رغم ما قاله ابن القطان من أنَّ الخبر لا يثبت من جهة النقل- بذكره قول أبي بكر بن أبي شيبة إذ يقول: " ثبت لنا أنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قاله ".
قال السيوطي: " يعني بمجموع طرقه، فإنه ورد في ذلك أحاديث تدل على أنَّ له أصلاً "، وعلى اعتبار ثبوته، فإنَّ الشَّارح يُنهي الكلام عنه بما يتلخص من أحكام فقهية، فقال: " قال البزار: لكنه مؤَوَّل، ومعناه؛ أنه لا فضل لوضوء من لم يذكر اسم الله، لا على أنه لا يجوز وضوء من لم يُسمّ ".

الصفحة 59