كتاب الخطابة - جامعة المدينة

والفرق بين العُجْبِ والغُرور فرق دَقِيقٌ مُتباين؛ فالعُجْب هو استعظام النعمة الموجودة في المُعجب، ثم نِسْبَتُها إلى نفسه دون أن ينسبها إلى موهبها وخالقها، وهو الله -عز وجل-.
وأما الغرور: فهو ادعاء قضايا وتلبيس حقائق غير موجودة في المغرور، ونسبتها إلى نفسه وإعطاء نفسه من العظمة والأماني الكاذبة العريضة بما لا يستحقه مع الاسترسال في بحر الأوهام والأحلام، ولقد جاء ذم الغرور في القرآن والسنة. يقول الله -تبارك وتعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} (فاطر: 5).
ويوم القيامة: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ} -أي: ينادي المنافقون المؤمنين- {أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} (الحديد: 12 - 1 4).
ويقول -سبحانه وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} (الانفطار: 6 - 8).
وفي الحديث هو فيه ضعف عند المحدثين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الكَيّسُ من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجِزُ مَن أتبع نفسه هواها، وتمنَّى على الله الأماني)) فهذا الحديث تنديد واضح بالذين يتبعون أنفسهم هواها، ويغترون بالرُّكون إلى أمانيها وخدعها الكاذبة.

الصفحة 331