كتاب الأحاديث التي أعل الإمام البخاري متونها بالتناقض
برسوخه في العلم عموما وفي الحديث خصوصا كثير جدًا، وهو مذكور في مظانّه المعروفة.
قال النووي - رحمه الله - في أول شرحه علي «صحيح البخاري»: واعلم أن وصف البخاري رضي الله تعالي عنه بارتفاع المحل والتقدم في هذا العلم علي الأماثل والأقران متفق عليه فيما تأخر وتقدم من الأزمان، ويكفي في فضله أن معظم من أثني عليه ونشر مناقبه شيوخه الأعلام المبرزون والحذاق المتقنون ... إلي أن قال: ويوضح لك ذلك ما أشرت إليه من أقوال أعلام أئمة المسلمين أولي الورع والدين، والحفاظ النقاد المتقنين، الذين لا يجازفون في العبارات بل يتأملونها، ويحررونها، ويحافظون علي صيانتها أشد المحافظات (¬1).
وقال ابن حجر - رحمه الله - بعد أن ذكر جملة من أقوال الأئمة المتقدمين في الثناء علي الإمام البخاري: ولو فتحت باب ثناء الأئمة عليه ممن تأخر عن عصره لفني القرطاس، ونفدت الأنفاس؛ فذاك بحر لا ساحل له (¬2).
وهذا كله يبين ما لأحكام البخاري علي الأحاديث من المنزلة الرفيعة والشأن العظيم والنصيب الأوفي من الصواب.
قال ابن حجر: لا ريب في تقديم البخاري ثم مسلم علي أهل عصرهما ومن بعده من أئمة هذا الفن في معرفة الصحيح والمعلل (¬3).
وقد أردت في هذا البحث أن أبرز أحد الأسس التي يقوم عليها منهج الإمام البخاري رحمه الله في نقد متن الحديث، وهو التحقق من سلامة معني المتن من مناقضة الأمور الثابتة في الكتاب أو السنة ومخالفة الحقائق التاريخية والعقلية؛ إذ لا يمكن أن يكون الحديث صحيحًا مع وجود تلك المناقضة أو المخالفة في متنه.
وقد جمعت من كتب الإمام البخاري
¬__________
(¬1) شروح البخاري: 5.
(¬2) هدي الساري: 485.
(¬3) المصدر السابق: 346.
الصفحة 166
471