كتاب الأحاديث التي أعل الإمام البخاري متونها بالتناقض
فقد روى ابن أبي شيبة (¬1) قال: حدثنا ابن علية عن يحيى بن أبي إسحاق أنه سمع أنس بن مالك سئل عن المسح علي الخفين، فقال: امسح عليهما. فقالوا له: أسمعته من النبي صلي الله عليه وسلم؟ قال: لا، ولكني سمعته ممن لا يتهم من أصحابنا، يقولون: المسح علي الخفين وإن صنع كذا وكذا، لا يكني.
وأخرجه أحمد بن منيع في مسنده (¬2) عن ابن علية به بنحوه.
وهذا سند صحيح عن أنس رضي الله عنه، فابن علية هو إسماعيل بن إبراهيم ثقة حافظ (¬3)، ويحيى ابن أبي إسحاق هو النحوي الحضرمي ثقة صاحب قرآن وعربية (¬4).
وبهذا الحديث الثابت عن أنس أعلّ البخاري أيضا حديث زياد بن عبيدة أنه سمع أنسا يقول: رأيت النبي صلي الله عليه وسلم يمسح. قال البخاري عقبه: ولا يصح؛ قال يحيى بن أبي إسحاق عن أنس: لم أر النبي صلي الله عليه وسلم يمسح (¬5).
وحديث زياد أخرجه أحمد بن منيع في مسنده (¬6) قال: حدثنا مروان بن معاوية حدثنا زياد بن عبيدة أو عبيدة - شك أحمد بن منيع - أخبرنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في مسير فقام بالغلس، وقال: «يا أنس، في إداوتك ماء؟». قلت: نعم. قال: فتنحي فبال، وصببت عليه الماء فتوضأ، فلما أراد أن يمسح طأطأت ظهري لأنظر ما يصنع، فقال: «هو ما تري»، ومسح علي خفيه.
¬__________
(¬1) في مصنفه (1/ 332) ح 1924.
(¬2) كما في المطالب العالية (2/ 324).
(¬3) تقريب التهذيب: 136.
(¬4) الكاشف: 361.
(¬5) التاريخ الكبير (3/ 361).
(¬6) كما في المطالب العالية (2/ 325).