كتاب مفتاح الوصول إلى علم الأصول في شرح خلاصة الأصول

يكون التكليف الواقع به تكليفا بما لا يطاق؟ أم لا؟
فعند الجمهور : هو مما يطاق، بمعنى : أن العبد قادر على القصد إليه اختيارا (¬١) وإن لم يخلق الله الفعل عقب قصده، ولا معنى لتأثير قدرة العبد في أفعاله إلا هذا، على ما سبق في تحقيق التوسط بين الجبر والقدر (¬٢).
وعند الأشعري : هو محال لاستلزامه محالا (¬٣) وهو : انقلاب علم الله تعالى جهلا، أو وقوع الكذب في [أخباره] (¬٤). فإيمان أبي جهل محال، وهو مكلف به، فالتكليف بما لا يطاق واقع» (¬٥).
وزعم القرافي (ت ٦٨٤ هـ‍) (¬٦) : أن الأبله مكلف بدقائق التوحيد وهو
---------------
(¬١) كذا بأصول مفتاح الوصول وما في طبعة التوضيح : (باختياره).
(¬٢) يحيل على قوله قبل ذلك في التوضيح نفسه (١/ ١٧٢) : «والجبر : إفراط في تفويض الأمور إلى الله تعالى، بحيث يصير العبد بمنزلة جماد لا إرادة له ولا اختيار. والقدر : تفريط في ذلك، بحيث يصير العبد خالقا لأفعاله، مستقلا في إيجاده الشرور والقبائح؛ وكلاهما باطل، والحق (. . .) : الوسط بين الإفراط والتفريط على ما أشار إليه بعض المحققين، حيث قال : لا جبر ولا تفويض، ولكن أمر بين أمرين».
(¬٣) كذا بأصول مفتاح الوصول وما في طبعة التوضيح : (المحال).
(¬٤) في الأصل (أخباركم)، وفي طبعة التوضيح : (اختياره)، والمثبت من (ب) وهو الصواب.
(¬٥) شرح التلويح على التوضيح : ١/ ١٩٧.
(¬٦) القرافي شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن بن عبد الله بن يلين الصنهاجي البفشيمي المصري المالكي (ت ٦٨٤ هـ‍) له مصنفات عديدة في الفقه والأصول : منها كتاب الذخيرة في الفقه، شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول للرازي، والفروق في القواعد الفقهية. من مصادر ترجمته : شجرة النور : ١٨٨. الفتح المبين : ٢/ ٨٦.

الصفحة 146