كتاب منتقى الألفاظ بتقريب علوم الحديث للحفاظ

مثال الاضطراب في السند: كحديث: "شَيَّبَتْني هُوْدٌ وأخواتها".
اخْتُلِفَ فيه على أكثر من عشرة أوجه، فمنهم من رواه مرسَلًا، ومنهم من رواه موصولًا، ومنهم من جعله من مسند أبي بكر، ومنهم من جعله من مسند سعد، ومنهم من جعله من مسند عائشة، ومنهم من جعله من مسند ابن عباس، وغير ذلك (١).
مثال مضطرب المتن: كحديث: شريك عن أبي حمزة عن الشَّعْبِي عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها مرفوعًا: "ليسَ في المالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ" رواه ابن ماجه.
وبنفس السند روي بلفظ: "إنَّ في المال لَحقًّا سِوَى الزَّكَاة" رواه الترمذي.
فهذا اضطراب لا يحتمل التأويل.
شروط الاضطراب: الاختلاف المؤثر، واتحاد المخرج، إلَّا أنْ يكون الراوي مكثرًا، فلا يؤثر.
والاختلاف بين الرواة في الحديث الواحد إن كان ناشئًا من الراوي المختلف عليه دلَّ على أنه لم يحفظه، فيعل الحديث بالاضطراب.
وَسُئِلَ الدارقطني عَنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالفِضَّةُ بِالفِضَّةِ، وَالحِنْطَةُ بِالحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، مَنْ زَادَ أوِ اسْتَزَادَ فَقَدْ أرْبَى؟
فَقَالَ: هُوَ حَدِيثٌ يَرْوِيهِ أبُو حَمْزَةَ مَيْمُونٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ.
رَوَاهُ عَنْهُ مَنْصُورُ بْنُ المُعْتَمِرِ، وَالثَّوْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ أبِي قَيْسٍ، وَخَلَّادٌ الصَّفَّارُ، وَغَيْرُهُمْ فَقَالَ سَيْفُ بْنُ مُحَمَّدٍ: عَنْ مَنْصُورٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ.
وَقَالَ جَرِيرٌ: عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أبِي حَمْزَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الُمسَيِّبِ، عَنْ بِلَالٍ.
وَقِيلَ: عَنْ أبِي حَمْزَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ بِلَالٍ.
---------------
(١) وكثيرٌ مما يَعُدُّهُ المتقدمون مضطربًا، يجعله المتأخرون من قَبِيلِ تعدد الطرق، فتنبه لهذا وكن حذرًا.

الصفحة 104