كتاب منتقى الألفاظ بتقريب علوم الحديث للحفاظ

الشَّاذ: هو المنكر. عند غالب المتقدمين كما يطلقه صالح جزرة، والخليلي.
ويطلقه الحاكم على تفرد الثقة مطلقًا.
وعند المتأخرين: أن يروي الثقة حديثًا يخالف فيه الأرجح (١).
ويطلقه بعض المتأخرين: على تفرد الضعيف.
الأرْجَح: من قُدِّمَ لمزيد ضبط، أو كثرة عدد، أو لخصوصية ملازمة، أو غير ذلك من وجوه الترجيحات.
مثال الشاذ في السند: ما رواه حماد بن زيد، عن عَمرو بن دينار، عن عوسجة: أن رجلًا توفي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدع وارثًا إلا مولى هو أعتقه.
وخالفه ابن عُيَيْنَة وابن جُرَيْج وغيرهم فرووه: عن عمرو بن دينار، عن عَوْسَجَة، عن ابن عباس به. أخرجه: ابن ماجه، والترمذي، والنسائي.
فزادوا ابنَ عباس في السند.
مثال الشذوذ في المتن: ما رواه زائدة بن قدامة عن عاصم بن كليب في حديث صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم "في التشهد" وفيه: "ثُمَّ رَفَعَ أُصْبُعَهُ، فَرَأيْتُهُ يُحَرِّكُهَا يَدْعُو بِهَا".
فقد خالف زائدةَ جمعٌ منهم: عبد الواحد بن زياد، وشعبة، وسفيان الثوري، وزهير بن معاوية، وسفيان بن عُيَيْنَة، وسَلَام بن سُليم، وبِشْر بن المُفَضَّل، وعبد الله بن إدريس، وقيس بن الربيع، وأبو عوانة الوضاح بن يزيد، وخالد بن عبد الله الواسطي، جميعهم رووه ولم يذكروا (يحركها).
وتقدم لك الفرق بين الشاذ والمنكر عند المتأخرين.
فائدة: لا يعتضد بالشاذ، إذا كان الشذوذ بمعنى المخالفة، وأما إذا كان بمعنى التفرد؛ فالتفرد لا متابع له أصلًا.
تقبل مخالفة الثقة وإن خالف من هو أولى منه في أحوال:
---------------
(١) واعتمدوا فيه تعريف الشافعي.

الصفحة 107