كتاب منتقى الألفاظ بتقريب علوم الحديث للحفاظ

أحد المتقدمين الحكم به كان معتمدًا، لما أعطاهم الله من الحفظ الغزير، وإن اختلف النقل عنهم عدل إلى الترجيح. اهـ. "فتح المغيث" (١/ ٢٣٧).
وقال عبد الرحمن المعلمي: إنني عندما أقرن نظري بنظر المتأخرين أجدني أرى كثيرًا منهم
متساهلين. من المقدمة لكتاب "الفوائد المجموعة" ص ٨.
وقال أيضًا: وتحسين المتأخرين فيه نظر "الأنوار الكاشفة" ص ٢٩.
قلت: بل وفي مصنفات منكري التفريق بين المتقدمين والمتأخرين ما يُرَدُّ به عليهم، فكم استخدموا مصطلح المتقدمين والمتأخرين، ومن ثم هم يتحجرونه على مخالفيهم! .
قال الألباني نفسه: وهو ضعيف (١) لسوء حفظه، بذلك وصفه غير واحد من الحفاظ المتقدمين والمتأخرين "السلسة الصحيحة" (ح/ ٣٠٤٤).
وقال الألباني: فإن حميدًا هذا (٢) قد وثقه جمهور الأئمة المتقدمون، ومنهم البخاري، ولم يضعفه أحد منهم إلا أحمد في رواية "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (٣٤١٢).
وقال الألباني: فأول علة تبدو للناظر لأول وهلة في هذا السند هو عنعنة ابن جريج، فإنه كان
يدلس بشهادة غير واحد من الأئمة المتقدمين والمتأخرين. "السلسلة الضعيفة والموضوعة" (٣/ ٦٠).
وقال الألباني: وهو شديد الضعف (٣) كما يشهد بذلك أقوال الحفاظ المتقدمين منهم والمتأخرين "السلسلة الضعيفة والموضوعة" (٣/ ٦٢٤).
ومثل هذا كثير في كتب الشيخ الألباني رحمه الله.
فلا شك أن من فرق بين الفريقين فله في هذا التفريق سلف، فكيف ينكر؟ .
بل كيف ينكر عبدٌ أمرًا وهو مكثر من الوقوع فيه؟ ! .
وقد تدبرت الافتراق بين المنهجين مليًا فرأيته يدور على تسعة أمور:
وسيأتي بيان هذه النقاط والتمثيل لها من غير توسع ممل ولا اختصار مخل، إن شاء الله.
---------------
(١) يعني: مؤمل بن إسماعيل.
(٢) هو ابن قيس الأعرج المكي القاري.
(٣) يعني: عبد العزيز بن أبي ثابت.

الصفحة 455