كتاب منتقى الألفاظ بتقريب علوم الحديث للحفاظ

فأجاب: العلماء المتقدمون مقدّمون في هذا؛ لأنّهم كما قلنا قد عرفوا هذه الطرق، ومن الأمثلة على هذا: ما جاء أن الحافظ رحمه الله يقول في حديث المسح على الوجه بعد الدعاء: أنه بمجموع طرقه حسن، والإمام أحمد يقول: إنه حديث لا يثبت، وهكذا إذا حصل من الشيخ ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالى هذا؛ نحن نأخذ بقول المتقدمين ونتوقف في كلام الشيخ ناصر الدين الألباني، فهناك كتبٌ ما وضعت للتصحيح والتضعيف، وضعت لبيان أحوال الرجال مثل: "الكامل" لابن عدي و"الضعفاء" للعقيلي، وهم وإن تعرضوا للتضعيف، فهي موضوعة لبيان أحوال الرجال، وليست بكتب علل، فنحن الذي تطمئن إليه نفوسنا أننا نأخذ بكلام المتقدمين؛ لأنَّ الشيخ ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالى ما بلغ في الحديث مبلغ الإمام أحمد بن حنبل، ولا مبلغ البخاري، ومن جرى مجراهما.
ونحن ما نظن أن المتأخرين يعثرون على ما لم يعثر عليه المتقدمون اللهم إلا في النادر، فالقصد أن هذا الحديث إذا ضعفه العلماء المتقدمون الذين هم حفاظ، ويعرفون كم لكل حديث من طريق. باختصار من "المقترح" ص ٢٠.
قلت: صدق، فقد قال الذهبي: ويَنْدُرُ تفرُّدهم، فتجدُ الإمامَ منهم عندَه مِئتا ألف حديث، لا يكادُ ينفرد بحديثينِ أو ثلاثة.
ومن كان بعدَهم فأين ما يَنفرِدُ به، ما علمتهُ، وقد يُوجَد. "المُوقِظَةُ في علم مصطلح الحديث" (ص ٧٧).
قلت: وأين هذا النادر، بل لا أُبعِدُ النُّجْعَةَ - إن شاء الله - إذا ما قلت: إن كل طريق وقف عليها المتأخرون ولم يُعرف أن المتقدمين وقفوا عليها؛ فهي إما طريق معلولة، أو غريبة، وإما وهْمٌ من المتأخرين بدعوى أن المتقدمين لم يقفوا عليها، وذلك لقلة اطلاعهم على أقوال المتقدمين، وعدم تتبعهم لها.
كحديث: عيسى بن يونس، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سِيرِين، عن أبي هريرة مرفوعًا: "من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء فليقض". أخرجه أحمد، والدارمي، وأبو داود، والترمذي.
روي من طرق عن عيسى بن يونس به. وقد توبع عيسى بن يونس.

الصفحة 473