كتاب منتقى الألفاظ بتقريب علوم الحديث للحفاظ

التَّدْلِيسُ
التَّدْلِيس: إخفاء عيب في الإسناد، وتحسين لظاهره، حتى يقبل الحديث.
وَالمتقدمون يطلقون في كثير من الأحيان على الإرسال تدليسًا، فيقولون: فلان يدلس، يعني: يرسل (١).
وهو أقسام: تدليس الإسناد، والتسوية، والشيوخ، والعطف، والمتابعة، والقطع - أو السكوت -، وصيغ التحمل، والبلدان.
تَدْلِيْسُ الإِسْنَاد: أن يَرْوِيَ الراوي عن شيخ سمع منه بالجملة شيئًا لم يسمعه منه بصيغة تحتمل السماع.
كرواية ابن عُيَيْنَة عن الزهري؛ فقيل له: سمعته من الزهري؟ فقال: لا، ولا ممن سمعه من الزهري، حدثني عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري.
ويندرج تحت تدليس الإسناد؛ تدليس التسوية، والقطع أو السكوت، والعطف، والمتابعة، والصيغة.
أ - تَدْليسُ التَّسْوِيَة: هو أن يسقط الراوي شيخ شيخه أو من هو فوقه، فيسوِّي رواية شيخه عن شيخ شيخه مباشرة (٢).
وصورته أن يجيء المدلس إلى حديث سمعه شيخه الثقة من شيخ ضعيف، وذلك الشيخ الضعيف يرويه عن شيخ ثقة، فيعمَد المدلسُ فيسقطُ منه شيخَ شيخه الضعيف، ويجعله من رواية شيخه الثقة عن الثقة الثاني بلفظ يوهم السماع، فيصير الإسناد كله ثقات.
كرواية الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن عبد الله بن عامر الأسلمي عن نافع.
فأسقط الوليدُ بنُ مسلم عبدَ الله بنَ عامرٍ الأسلمي. بين الأوزاعي ونافع، فجعله عن الأوزاعي عن نافع.
---------------
(١) وبهذا تعرف خطأ كثير من المتأخرين ممن صنف في التدليس بإيرادهم رواة لم يذكروا عند المتقدمين بالتدليس الذي هو بمعناه عند المتأخرين، كالزهري.
(٢) هذا النوع من التدليس لا يُعرف أحد يفعله غير أحد عشر راويًا.

الصفحة 72