كتاب منتقى الألفاظ بتقريب علوم الحديث للحفاظ

ومن الناس من يقول: هما سواء، كما نُقِلَ عن مالك.
وهذا إنما يكون فيمن اشتهر بالرواية عن المحكيِّ قِصَّتهُ، كعروة مع عائشة.
أما من لم يعرف له سماع منه فلا ينبغي أن يحمل على الاتصال، ولا عند من يكتفي بإمكان اللقي.
وقد ذكر الإسماعيلي في صحيحه أن المتقدمين كانوا لا يفرقون بين هاتين العبارتين.
وكذلك ذكر أحمد أيضًا أنهم كانوا يتساهلون في ذلك مع قوله: إنهما ليسا سواء، وإن
حكمهما مختلف، لكن كان يقع ذلك منهم أحيانًا على وجه التسامح وعدم التحرير.
قال أحمد في رواية الأثرم في حديث سفيان عن أبي النضر، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن حذافة في النهي عن صيام أيام التشريق.
ومالك قال فيه: عن سليمان بن يسار أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعث عبد الله بن حذافة.
قال أحمد: هو مرسل، سليمان بن يسار لم يدرك عبد الله بن حذافة.
قال: وهو كانوا يتساهلون بين (عن عبد الله بن حذافة) وبين (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعث عبد الله بن حذافة).
قيل له: وحديث أبي رافع: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعثه يخطب ميمونة.
وقال مطر: عن أبي رافع؟ : قال: نعم، وذاك أيضًا. شرح علل الترمذي لابن رجب (ص: ٢٢١).
ولكن كان القدماء كثيرًا ما يقولون عن فلان ويريدون الحكاية عن قصته، والتحديث عن شأنه، لا يقصدون الرواية عنه.
وقد حكى الدارقطني عن موسى بن هارون الحافظ أن المتقدمين كانوا يفعلون ذلك. انظر شرح علل الترمذي لابن رجب (٢/ ٤٨).
تنبيه: غالبًا ما تكون العَنْعَنَةُ في الإسناد: هي ممن دون الراوي الذي جاء لفظ (عَنْ) بعده، وليست من كلام الراوي.

الصفحة 85