كتاب مصطلح الحديث في كتاب إعلام الموقعين

كرم الله وجهه أن ما زاد على المائتين ففيه الزكاة بحسابه رواه عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق السبيعي عن عاصم بن ضمرة عنه وهذا باب يطول تتبعه وترى كثيرا من الناس إذا جاء الحديث يوافق قول من قلده وقد خالفه راويه يقول الحجة فيما روى لا في قوله فإذا جاء قول الراوي موافقا لقول من قلده والحديث بخلافه قال لم يكن الراوي يخالف ما رواه إلا وقد صح عنده نسخه وإلا كان قدحا في عدالته فيجمعون في كلامهم بين هذا وهذا بل قد رأينا ذلك في الباب الواحد وهذا من أقبح التناقض. والذي ندين الله به ولا يسعنا غيره وهو القصد في هذا الباب أن الحديث إذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يصح عنه حديث آخر ينسخه أن الفرض علينا وعلى الأمة الأخذ بحديثه وترك كل ما خالفه ولا نتركه لخلاف أحد من الناس كائنا من كان لا راويه ولا غيره إذ من الممكن أن ينسى الراوي الحديث أو لا يحضره وقت الفتيا أو لا يتفطن لدلالته على تلك المسألة أو يتأول فيه تأويلا مرجوحا يقوم في ظنه ما يعارضه ولا يكون معارضا في نفس الأمر أو يقلد غيره في فتواه بخلافه لاعتقاده أنه أعلم منه وأنه إنما خالفه لما هو أقوى منه ولو قدر انتفاء ذلك كله ولا سبيل إلى العلم بانتفائه ولا ظنه لم يكن الراوي معصوما ولم توجب مخالفته لما رواه سقوط عدالته حتى تغلب سيئاته حسناته وبخلاف هذا الحديث الواحد لا يحصل له ذلك"9.
وقال وهو يوضح أصول الإمام أحمد:
"أصل مذهبه وقاعدته التي بنى عليها أن الحديث إذا صح لم يرده لمخالفة رواية له بل الأخذ عنده بما رواه كما فعل في رواية ابن عباس وفتواه في بيع الأمة فأخذ بروايته أنه لا يكون طلاقا
__________
9 3/ 38 - 40

الصفحة 8