كتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (اسم الجزء: 4)

§قَوْلُهُ تَعَالَى: أُولَئِكَ {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} [الأنعام: 12]
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَكَرِيَّا الطُّرَيْثِيثِيُّ، قَالَ: ثنا الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مَنْصُورٍ الطَّبَرِيُّ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ: ثنا أَحْمَدُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {§أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} قَالَ: هُمُ الْكُفَّارُ الَّذِينَ خَلَقَهُمُ اللَّهُ لِلنَّارِ وَخَلَقَ النَّارَ لَهُمْ، فَزَالَتْ عَنْهُمُ الدُّنْيَا وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الْجَنَّةُ، قَالَ اللَّهُ: {خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ} [الحج: 11] وَقَوْلُهُ: {مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان: 77]

1023 - يَقُولُ: لَوْلَا إِيمَانُكُمْ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ الْكُفَّارَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ بِهِمْ إِذْ لَمْ يَخْلُقْهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَلَوْ كَانَ لَهُ بِهِمْ حَاجَةٌ لَحَبَّبَ إِلَيْهِمُ الْإِيمَانَ كَمَا حَبَّبَهُ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ
§قَوْلُهُ تَعَالَى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 6]
1024 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ -[638]-، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {§إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 6] ، وَقَوْلِهِ: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} [الأنعام: 35] ، وَقَوْلِهِ: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام: 125] ، وَقَوْلِهِ: {مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الأنعام: 111] ، وَقَوْلِهِ: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [يونس: 100] ، وَقَوْلِهِ: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة: 13] ، وَقَوْلِهِ: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس: 99] ، وَقَوْلِهِ: {جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا} [يس: 8] ، وَقَوْلِهِ: {مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} [الكهف: 28] ، وَقَوْلِهِ: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: 105] ، وَنَحْوِ هَذَا مِنَ الْقُرْآنِ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْرِصُ أَنْ يُؤْمِنَ جَمِيعُ النَّاسِ وَيُتَابِعُوهُ عَلَى الْهُدَى، فَأَخْبَرَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ إِلَّا مَنْ سَبَقَ لَهُ مِنَ اللَّهِ السَّعَادَةُ فِي الذِّكْرِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَضِلُّ إِلَّا مَنْ سَبَقَ لَهُ مِنَ اللَّهِ الشَّقَاءُ فِي الذِّكْرِ الْأَوَّلِ -[639]-، ثُمَّ قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 3] . يَقُولُ: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء: 4] ، ثُمَّ قَالَ: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا، وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر: 2] . وَيَقُولُ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]

الصفحة 637