كتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (اسم الجزء: 5)

§قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيِّ
1594 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَصِيرُ، قَالَ: أنا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: نا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: نا الْحُمَيْدِيُّ، وَأُخْبِرْتُ أَنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: " مَنْ أَقَرَّ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَلَمْ يَفْعَلْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا حَتَّى يَمُوتَ، أَوْ يُصَلِّي مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ حَتَّى يَمُوتَ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، مَا لَمْ يَكُنْ جَاحِدًا إِذَا عَلِمَ أَنْ تَرْكَهُ ذَلِكَ. . إِذَا كَانَ يُقِرُّ بِالْفَرَائِضِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، فَقُلْتُ: هَذَا الْكُفْرُ الصُّرَاحُ وَخِلَافُ كِتَابِ اللَّهِ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِعْلِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {§وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ} [البينة: 5] "
1595 - أنا مُحَمَّدٌ، أنا عُثْمَانُ، نا حَنْبَلٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: «مَنْ قَالَ هَذَا، §فَقَدْ كَفَرَ بِاللَّهِ وَرَدَّ عَلَى اللَّهِ أَمْرَهُ وَعَلَى الرَّسُولِ مَا جَاءَ بِهِ»
§قَوْلُ الْمُزَنِيِّ
1596 - أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَصِيرُ، قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ -[958]- عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: نا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى حَيُّويَهِ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْفِرْيَابِيَّ، يَقُولُ: سَأَلْتُ الْمُزَنِيَّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ عَنِ الْإِيمَانِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ثَقِيلٌ مِنَ الْمَرَضِ يُغْمَى عَلَيْهِ مَرَّةً، وَيُفِيقُ مَرَّةً، وَقَدْ كَانُوا صَرَخُوا عَلَيْهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَقُلْتُ لَهُ: " أَنْتَ إِمَامِي بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَوْلُكَ فِي الْإِيمَانِ؟ إِنَّ النَّاسَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ: فَمِنْهُمْ مَنْ زَعَمَ أَنَّ §الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيدُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: قَوْلٌ، وَالْعَمَلُ شَرَائِعُهُ، فَقَالَ مُجِيبًا بِسُؤَالٍ ثَقِيلٍ: مَنِ الَّذِي يَقُولُ: قَوْلٌ وَعَمَلٌ؟، قُلْتُ: مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَذَكَرْتُ لَهُ جَمَاعَةً، فَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي، أَوْ لَا أُحِبُّهُ أَنْ يُكَفَّرَ أَحَدٌ، إِنَّمَا قَالَ: سَلْنِي عَنِ الِاسْمِ أَوْ مَعْنَى الِاسْمِ، فَتَعَجَّبْتُ مِنْ سُؤَالِهِ إِيَّايَ مَعَ مَا هُوَ فِيهِ وَهُوَ يُغْمَى عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَخْطَأَ فِي الِاسْمِ لَيْسَ كَمَنْ أَخْطَأَ فِي الْمَعْنَى، الْخَطَأُ فِي الْمَعْنَى أَصْعَبُ، ثُمَّ قَالَ: فَمَا يَقُولُ هَذَا الْقَائِلُ فِيمَنْ جَهِلَ بَعْضَ الْأَعْمَالِ؟ هُوَ مِثْلُ مَنْ جَهِلَ الْمَعْرِفَةَ، يُرِيدُ التَّوْحِيدَ كُلَّهُ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا بَابٌ لَمْ أُعْمِلْ فِيهِ فِكْرِي، وَلَكِنْ أَنْظُرُ لَكَ فِيهِ، فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَقَبَّلْتُ جَبِينَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَمَا شَعَرَ بِي وَذَلِكَ أَنِّي قَبَّلْتُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ يَدَهُ فَمَدَّ يَدِي فَقَبَّلَهَا، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِي ذَلِكَ رَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ لِي ابْنُ أَخِيهِ عَتِيقٌ: إِنَّهُ سَأَلَ عَنْكَ وَقَالَ -[959]-: قُلْ لَهُ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، فَقَعَدْتُ عِنْدَهُ حِذَاءَ وَجْهِهِ، فَفَتَحَ عَيْنَهُ ثَقِيلًا، فَقَالَ لِي: الْفِرْيَابِيُّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ، قَالَ: لَا خِلَافَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ بِالْبَيْتِ فَقَالَ: إِيمَانًا بِكَ وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِكَ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ مِنَ الْإِيمَانِ " قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: هَذَا آخِرُ مَسْأَلَةٍ سَأَلْتُ الْمُزَنِيَّ عَنْهَا، وَمَاتَ بَعْدَ هَذَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ

الصفحة 957