كتاب الوجوه والنظائر لأبي هلال العسكري - معتزلي
الإيمان
أصل الإيمان السكون والطمانينة، ومن أمنك فقد سكن إليك، ولهذا لا يصح أن يقال: إن الله يأتمن أنبيائه إذ لا يوصف بأنه يسكن إليهم، ولا يوصف الأنبياء بأنهم يأتمنونه، كما لا يوصفون بأنهم يسكنون إليه.
وقوله تعالى: (وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا)، أي: بساكن إلينا.
والمؤمن في أسماء الله بمعنى أنه يؤمن عباده من ظلمه، ويسكن قلوبهم حتى لا يخافوا ذلك منه.
ثم استعمل الإيمان بمعنى التصديق؛ لأنك لا تصدق الرجل إلا وقد سكنت إلى خبره.
ويكون المؤمن في أسماء الله تعالى بمعنى أنه مصدق لأوليائه، وتصديقه لهم تسكين عباده إلى قولهم، ويقال: آمنت لرجل إذا صدقته، ومنه قول الشاعر:
وَمِن قبلُ آمنَّا وَقَد كانَ قو ... مُنَا يُصلُّونَ الأَوثَانَ قبلَ مُحَمَّدَا
ويجوز أن يكون معنى قوله: (وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا). أي: بمصدق قولنا.
وقوله تعالى: (آمَنتُمْ لَهُ)، مفارق لقوله: (آمَنتُمْ بِه). معنى: (آمَنتُمْ بِه): صدقتموه. ومعنى: (آمَنتُمْ لَهُ): أظهرتم ما أظهرتموه من عجزكم عن معارضته إعانة له لأمر توافقتم عليه، ولستم تعرفون صدقه.
الصفحة 53
532