كتاب الوجوه والنظائر لأبي هلال العسكري - معتزلي
وقوله: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ)، والفرق بين مَكَّنَّا لَهُ ومَكَّنَّاهُ أن معنى مَكَّنَّا لَهُ: جعلنا له ما يتمكن به في الأرض، ومعنى مَكَّنَّاهُ: أقدرناه على ملك الأرض.
وقوله: (وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً)، والمراد: أنا نسير الجبال فيحلوا منها وجه الأرض فتراها بارزة أي: ظاهر لا شيء فيها، ويجرز أن تكون بارزة بمعنى: مبرزة أي: قد أبرز جميع ما في بطنها، وجاءت على فاعلة على النسبة كما قيل: الحاسة وهي من أحسست على النسبة لا على طلب الفعل، أي: هي ذات كذا، ويجوز أن يكون المعنى أنك ترى أهل الأرض بارزين كما قال: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا) وقال: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ).
التاسع: محي الأرض مثلا، وهو قوله: (مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) لم يرد أرضا بعينها، وإنما هو على حسب قول العرب في معنى الأبد: لا أفعل ذاك ما اختلف الليل والنهار وما طما اليحر وما أقام الجبل ومَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ.
هذا وإن كان اللفظ الليل والنهار والجبل والأرض والسماء، فإنما المراد به الأبد، وإنما جعلوا هذه الأشياء أمثالا في الأبد؛ لأنَّهَا عندهم لا تتغير، ويجوز أن يكون المراد أرض الجنة والنار.
الصفحة 79
532