كتاب الوجوه والنظائر لأبي هلال العسكري - معتزلي

الأول
أول كل شيء ما ابتدئ فيه واشتقاقه من الأول، وهو الرجوع، كأن كل شيء ترجع صفته إلى ما ابتدئ منه، والأول في أسماء الله تعالى بمعنى أنه لا شيء قبله.
وهو في القرآن على أربعه أوجه:
الأول: أول من كفر من أهل الكتاب، وهو قوله: (وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ) أي: أول من كفر به من أهل الكتاب؛ لأن قريشا كفروا به قبلهم، ودلهم هذا على أن جميع من كفر منهم بعد فإنه سببه. ويلزمهم مثل وزره.
قال أبو العباس المبرد: أول يضاف إلى ما بعده على وجهين:
أحدهما: أن يكون ما بعده متصلا به.
والآخر؛ أن يكون مقدرا لذلك، وذلك قوله تعالى: (وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ) إنما قال هذا للمخاطبين؛ لأنهم قبل غيرهم ممن يلزمهم ما لزمهم فقيل لهم: أنتم أيها المخاطبون لا تكفروا بما سمعتم فيكون بعدكم الكافر والمؤمن فلا تكونوا أول الكفار، وكافر في موضع الجماعة إذا كانوا واحدا واحدا، وقبيلا قبيلا، يقول: كل رجل في الدار فأعطه درهما، أي: أعطهم رجلا رجلا حتى يعطي كلهم، ولو قال قائل: أول من يأتني فله درهم فأتاه واحد ولم يأت غيره لوقع عليه اسم الأول؛ لأنه في التقدبر أن يأتي غيره، ولو قال: آخر رجل يأتيني وآخر عبدا ملكه لم يعلم إلا بعد موته؛ لأن الأول مقدر لما بعده، والآخر لا يقع عليه هذا الاسم، وكذلك إذا قال: أول عبد لي حر فأول عبد يشتريه يعتق، فإذا قال: آخر عبد لم يعلم ذلك إلا بعد موته.

الصفحة 87