كتاب الوجوه والنظائر لأبي هلال العسكري - معتزلي

الإثم
الإثم عند العرب الذنب، وسُمِّيت الخمر إثما لأنَّهَا توقع في الذنوب، ويقال: أثم فهو آثم وأثيم مبالغة كما تقول: علم فهو عالم وعليم مبالغة.
وقال ابن السكيت: إن الإثم في قوله: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ) يعني: به: الخمر، وأنشد:
شَرِبْتُ الإِثْمَ حتى ضَلَّ عَقْلي ... كذاكَ الإِثْمُ يَذْهَبُ بالعُقولِ
وجاء في القرآن على أربعة أوجه:
الأول: الكذب، قال تعالى: (لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) أي: الكذب بأن عزيرا ابن الله وأن يد الله مغلولة.
الثاني: المعصية، قال الله تعالى: (غَيْرَ مُتَجَانِفٍ) أي: مائل إلى المعصبة، والجنف الميل.
وقال بعض الفقهاء: الإثم أن يأكل منه أكثر مما يحتاج إليه لسد جوعه، وقال غيره: له أن يأكل منه ما يريد ويتزوده فإذا استغنى عنه طرحه، والضرورة المذكورة في الآية تدفع ذلك، والأول قول أصحابنا.
وقال: (وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) ولا يكون البغي إلا [بغير الحق]، وإنما هو مثل قولك: بغى عليَّ ظلما، ولا يجوز أن يبغني عليه عدلا، وإنَّمَا هو تأكيد في الكلام.

الصفحة 98