كتاب أدب النفس

حتى إذا منّ الله عليك بنور اليقين، فهي كالبرقة، كما تشعل شجرك ناراً، فيذهب أثره وذكره، كذلك البرقة تحرق قائمة نفسك، فيذهب أثرها وذكرها، ويبقى والها منفرداً به، فتكون الأشياء والأمور منك له وبه؛ فإذا أهملتها، وعجزت عن رياضتها، رجعت عليك بوبال عظيم، تعرض عن دار دعاك إليها رب العالمين، فقال تعالى: (والله يدعو إلى دار السلام)، أمنك من آفاتها، فنسبها إلى اسمه السلام من بين الأسماء؛ يعلمك أن لسكانها السلامة من الآفات، محشوة بالنعم، مشحونة بالرضوان، وتلهى عنه باللعب والباطل؛ كفى بهذا عاراً، وأنت عبد سخر الله لك الخلق والخليقة لم
تنل حتى تكون ما عاشت قائماً بتربية حقوقه، ناظراً لأموره، معظماً لشأنه، ذاكراً له، ناشراً عنه الجميل، مشتاقاً بقلبك إلى لقائه؛ فأقبلت على تربيتك نفسك، وطلبك لها العز والجاه، والمنزلة من الخلق، والذكر على الألسنة؛ فهذه ربوبيته، فكيف تتفرغ للعبودية من طلب الربوبية؛

الصفحة 62