كتاب أدب النفس

وحدثنا صالح ابن محمد، قال: حدثنا أبو مقاتل، عن ابن عون بن أبي راشد، عن الحسن رضي الله عنه، قال: بلغنا عن عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، قال في خطبته: (لا تضرين بكم الشهوات، فإنها أشد حراً في الجوف من النار، وأشد سكراً من الخمر، وإنكم لا تدرون ما تأملون، إلا بالصبر على ما تكرهون، ولا تنالون ما تحبون، إلا بترك ما تشتهون).
حدثنا عمر عن سهل بن تمام، عن عمار بن منصور، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: طهروا قلوبكم بقلة الطعام تصفوا، فترق وتصلب وتستعف)؛ فصفاؤها لله، وصلابتها في الدين، ورقتها للأخوان، واستعفافها في ذات الله تعالى.
فعالج قلبك حتى تعتقه من رق النفس بما وصفت، فإذا كان كذلك صفا قلبك من كدورة الأخلاق، وطهر من شهوة الآثام، فاستقر اليقين فيه، لأن اليقين لا يستقر حتى يرى مكاناً ظاهراً، فتحيا القلوب وتصلب، لأنه من الله، قد قرب عبده واصطفاه، فيصير حينئذ ما غاب عن العين من أمور الآخرة، وأمور الملكوت، بعين قلب، فهو كالبرق في

الصفحة 67