كتاب أدب النفس

ودعاهم إلى الإحسان إلى الجار، وإلى ذي القربى، وإلى الصاحب بالجنب، وإلى الضيف والمملوك؛ وكل هؤلاء أهل حقوق؛ ودعاهم إلى الإحسان إليهم، ليكون ذلك شكراً لهم؛ فهذه الأشياء كلها عبادة تعبدهم بها.
فأما أصل الأمر، فهو ما وصفته لك في أول الكتاب، أنه دعاهم إلى أحكام
المعرفة، حتى يسكنوا إليه، فقلب العبد من قبل أن يؤمن أغلف، وللقلب عين وآذان، فإذا كان العبد ممن خلقه الله تعالى للرحمة، وسبقت له منه الحسنى، جعل له ذلك النور كما أنطق به الكتاب، فقال: (أو من كان ميتاً فأحييناه). أي بذلك النور؛ وهو قوله: (وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس). ولا نرى ذلك النور إلا ما جاءت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (إن الله خلق الخلق في ظلمة، ثم رش عليهم من نوره، فقد علم من يصيبه ومن يخطئه، ثم أخرجهم يوم الميثاق بيضاً وسودا، ثم استنطقهم

الصفحة 93